يصب مياهه في رملة سبأتين. ومن الواضح أن أهمية هذه القصبة ترجع إلى عوامل تجارية، ذلك أنها كانت مركزًا لتجارة البخور. وكان اللبان الذي تنتجه بلدة مَهْرَة شرقى حضرموت يسلم للقوافل التي تولت نقله عبر الساحل الغربى إلى جزيرة العرب، وإلى أسواق البحر المتوسط، وبلاد ما بين النهرين. ولربما أسهمت صناعات الملح في المناطق المجاورة في القيمة التجارية لقصبة حضرموت على حد قول فيلبى (Sheba's daughters، ص ٩١)، وهذه الصناعات هي اليوم المصدر الاقتصادى الرئيسى أو الوحيد للمنطقة.
ومما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعامل التجارى أهمية القصبة شبوة التي كانت مركزًا دينيًا. ويدل وصف بليناس للوسائل التي كانت متبعة في تبادل البخور فيها على أن هذا التبادل كانت تحكمه قيود دينية صارمة، وعلى أن شبوه ظلت حرمًا مقدسًا ومركزًا يقصده الحجاج حتى آخر عهدها بالحضارة العربية الجاهلية في جنوب جزيرة العرب، ويشهد على ذلك رسم موجود هناك يرجع إلى القرن الخامس الميلادى، وله ارتباط بمذهب توحيد الرحمان. وفى فترة الشِرْك المتقدمة، يبدو هيكل الآلهة الحضرمية المتعددة قريب الشبه بتلك الهياكل التي كانت قائمة في المناطق الأخرى بجنوب جزيرة العرب، وكان يحكمها الثالوث الفلكى: القمر والشمس وكوكب الزهرة، إلا أن القمر المعبود في حضرموت كان له اسم يميزه هو سن الذي اقتبس من الديانة البابلية، ويشار إليه عادة باسم (سن الإلم) ويظن بعض الباحثين أن عبارة سن الألم هي اسم المعبد الرئيسى لهذا المعبود.
وتتفق المصادر الإسلامية على أن حضرموت كانت الموطن الأصلى لقبيلة كِنْدة ولكن يجب أن نضع في تقديرنا أنَ هذه القبيلة كانت من البدو الرحل، وأن سكان جنوب جزيرة العرب من البدو الرحل كانوا حتى بداية العصر المسيحى متميزين كل التميز من الناحية الثقافية عن المستوطنين الذين كانت ثقافتهم هي الثقافة التي تُعَدُّ الكتابات