على الرغم من انتكاسها بعض الشيء حين اتجهت الحملة الصليبية للقديس لويس (توفى بقرطاجة في الخامس والعشرين من أغسطس سنة ١٢٧٠ م) إلى إفريقية. وغادرها الصليبيون في أقل من شهر واحد تنفيذًا لشروط معاهدة أبرمها المستنصر معهم. وبدأت بموت المستنصر فترة طويلة حافلة بالاضطراب والانفصال (من ٦٧٥ - ٧١٨ هـ = ١٢٢٧ - ١٣١٨ م).
٣ - حكم الواثق بن المستنصر (٦٧٥ - ٦٧٨ هـ = ١٢٧٧ - ١٢٧٩ م) كان طيبًا في بدايته، ولم تعكر صفوه إلا مكيدة دبرها صفيه الأندلسى ابن الحبَيَّر، ونشوب فتنة في بجاية آخر ٦٧٧ هـ (إبريل ١٢٨٩ م) تعضيدًا لأبي إسحاق أحد أشقاء المستنصر. وفى أوائل سنة ٦٥١ هـ (١٢٥٣ م) قاد أبو إسحاق هذا فتنة الدواودة العرب، ولجأ إلى بلاط بنى نصر بغرناطة، واستقبله بحفاوة بالغة عبد الواد التلمسانى وهنالك توفى المستنصر. وأجبر الواثق آخر الأمر على النزول عن العرش لعمه أبى إسحاق الذي دخل تونس سيدًا لها في ربيع الثانى سنة ٦٧٨ هـ (أغسطس ١٢٧٩ م) وقد ساعد على ذلك إلى حد كبير ما زوده به من معونة حربية بطرس الثانى ملك أراغون، الذي كان حريصًا على أن يضمن ولاء دولة الحفصيين في صراعه مع شارل ملك أنجو.
٤ - أبو إسحاق (٦٧٨ - ٦٨٢ هـ = ١٢٧٩ - ١٢٨٣ م). وقد قتل الواثق، وابن الحَبّير، وعددًا من الشخصيات المرموقة، وعهد بحكم ولاية بجاية إلى أخيه أبي فارس، وآذنت شمس صقلية بالمغيب في ٣٠ مارس ١٩٨٢ مؤذنة بسيطرة دولة أنجو على صقلية، فأعلن ابن الوزير والى قسنطينة استقلاله، كان بطرس الثالث ملك أراغون قد وعده بالمساعدة، ولكن أبا فارس دحره قبل أن تتمكن قوات بطرس من النزول إلى اليابسة، وأبحر بطرس متجهًا إلى ترابانى Trapani.
وأبقى أبو إسحاق على العلاقات المألوفة مع إيطاليا، وزوج إحدى بناته من وريث تلمسان المنتظر. ولكن ابن أبي عُمارة، المغامر، استولى على