للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجديد من صغر السن بحيث أصبح ابن تفرا كين الداهية أربع عشرة سنة صاحب السلطان الحقيقى وراء صاحب العرش. وتزايدت الاضطرابات وحركات الاستقلال الذاتى من كل الجوانب، فاستولى بنو مَكِّى على الجنوب الشرقى، وبنو حفص على قسنطينة وهنالك قُدر على أبى إسحاق أن يتحمل كثيرًا من الهجمات التي كان بعضها شديدًا خلال السنوات من ٧٥٢ - ٧٥٧ هـ - (١٣٥١ - ١٣٥٦ م).

أما المرينى حاكم فاس، أبو عنان فارس، فكان متحمسًا للسير على منوال أبيه في مغامرات البطولة التي كان يخوضها، فاستولى على تلمسان، والجزائر وعلى مَدِيَّة. وقد سهلت العداوة المشتركة القائمة بين فروع بنى حفص الثلاثة الحاكمة في بجاية وقسنطينة وتونس، مهمة هذا الغازى الذي كان يتمتع إلى ذلك بمساندة بنى مزنى أمراء إقليم الزاب، وبنى مكى أمراء قابس.

أما الفتح المرينى الثانى لإفريقية ٧٥٣ - ٧٥٩ هـ = ١٣٥٢ - ١٣٤٨ م) فقد بدأ بداية رائعة بالاستيلاء على بجاية سنة ٧٥٣ هـ (١٣٥٢ م) ثم ركن إلى الهدوء فترة من الزمن؛ وفى سنة ٧٥٧ - ٧٥٨ هـ = ١٣٥٦ - ١٣٥٧ م) حقق أهدافه بالاستيلاء على قسنطينة وبونة وتونس، وبإخضاع بلاد الجريد وقابس. على أن انهيار أبى الحسن حدث في وقت أسرع مما كان متوقعًا نتيجة لفعل قليل البصر، وهو رفض السماح للدواودة بجمع ضرائب بعينها من الأهالى المستوطنين. واندحرت قواته، واضطر أبو عنان فارس إلى الانسحاب إلى فاس سنة ٧٥٨ هـ (١٣٥٧ م). وعاد أبو إسحاق وابن تفراكين إلى تونس خلال بضعة أشهر وحسب، وكانا قد طُردا منها. ومات المرينى سنة ٧٥٩ هـ (١٣٥٨ م) دون أن يفلح في التمكين لسلطانه ببلاد البربر الشرقية.

وبينما كان عبد الواد يعمل على استعادة ما فقده في تلمسان، عادت الأمور في المشرق إلى الحال التي كانت سائدة فيها حين بدأ أبو إسحاق حكمه لكل من: بجاية وقسنطينة وتونس التي