كان يحكمها ثلاثة حكام مستقلين مختلفين من بنى حفص؛ وبقى الجنوب كله والجنوب الشرقى، وجزء من الساحل محتفظة بالاستقلال عن بنى حفص التونسيين. ولما توفى ابن تفراكين سنه ٧٦٦ هـ (١٣٦٤ م) استطاع أبو إسحاق أن يحكم بشخصه، ولكن لم يكن لحكمه أثر يذكر. على أننا نجد أبا العباس أمير قسنطنية من بنى حفص قد استخلص بجاية من ابن عمه أبى عبد الله، ونجح في توحيد إقليم قسنطنية كله سنة ٧٦٧ هـ (١٣٦٦ م).
١٥ - أبو البقاء خالد (٧٧٠ - ٧٧٢ هـ = ١٣٦٩ - ١٣٧٠ م). وقد ساء الموقف بسرعة خلال حكم هذا الأمير الذي كان صغير السن عندما خلف أباه، مما أدى إلى توحيد إفريقية للمرة الثالثة على يد أمير من بنى حفص خرج من قسنطنية وبجاية، وهو أبو العباس.
١٦ - أبو العباس (٧٧٢ - ٧٩٦ هـ = ١٣٧٠ - ١٣٩٤ م). وقد أعاد هذا الأمير بفضل كفاياته العقلية والوجدانية وحزمه الرفيق، هيبة الأسرة الحاكمة التي كان واحد من أعظم أفرادها شأنًا. ومن صلبه انحدر جميع أمراء بنى حفص من بعده. وما إن كبح جماح البدو الرحل سنة ٧٧٣ هـ (١٣٧١ م) وخفف سيطرتهم على الأهالى المقيمين حتى استرد شيئًا فشيئًا ما فقده أسلافه من الأراضى في الجنوب، والجنوب الغربى وتم له ذلك في السنوات من ٧٧٣ - ٧٨١ هـ (١٣٧١ - ١٣٨١ م) بل استرد إقليم الزاب نفسه. وانشغل أبو العباس منذ سنة ٧٨٣ هـ - (١٣٩١ م) بتعزيز ما حققه، وكبح أي محاولة لإحياء حركات الاستقلال في الداخل وتم إخمادها في الجنوب. وانخرط بنو عبد الواد في المعارك الداخلية، واشتعلت المنافسة الشديدة بين بنى عبد الواد وبنى مرين، ومن ثم لم يجد أبو العباس ما يخشاه من ناحية الغرب. وساءت العلاقات بين بلاد البربر والممالك المسيحية نتيجة أعمال القرصنة التي قام بها بنو حفص، واشتد جبروت هذه الأعمال حين أوقف زحف حملة فرنسا وجنوه المشتركة على المهدية سنة ٧٩٢ هـ (١٣٩٠ م). وعقد صلح بعد ذلك مع الجمهوريات الإيطالية.