١٧ - أبو فارس (٧٩٦ - ٨٣٧ هـ = ١٣٩٤ - ١٤٣٤ م). وقد نهض بمهمة أبيه وأكملها بذكاء. فاقتلع الدول المحلية فى قسنطينة وبجاية سنة ٧٩٨ هـ - ١٣٩٦ م) وفى طرابلس وقفصة، وتورز، وبسكرة في الفترة من (٨٠٠ - ٨٠٤ هـ)(١٣٩٧ - ١٤٠٢ م) وأقام مقام أمرائها عمالًا من عبيده المحررين المختارين. وقاد حملة جريئة على أوراس سنة ٨٠٠ هـ (١٣٩٨ م) وعلى حدود بلاد طرابلس الصحراوية سنة ٨٠٩ هـ (١٤٠٦ - ١٤٠٧ م). وقضى على أزمة خطيرة أثارت الخواطر في قسنطينة، والجنوب الشرقى في الفترة من ٨١٠ - ٨١١ هـ (١٤٠٧ - ١٤٠٨ م) واحتواها باستيلائه على الجزائر سنة ٨١٣ هـ (١٤١٠ - ١٤١١ م) وتلا ذلك فترة هدوء طويلة قطعها بشن عدة هجمات في الغرب حيث سيطر أبو فارس علي بنى عبد الواد التلمسانيين في الفترة من ٨٢٧ - ٨٣٤ هـ (١٤٢٤ - ١٤٣١ م). وكذلك تدخل في أمور مراكش والأندلس. وكانت علاقاته مع الدول المسيحية علاقات ودية في بعض الأحيان، وطيدة في جميع الأوقات، واستمر النشاط الدبلوماسى المكثف مع هذه الممالك طوال فترة حكمه.
وكان للحالة الموفقة التي ترك والد أبى فارس المملكة عليها، ولقوته الحربية، بعض الأهمية في نجاحه الخارق، كما استفاد بالإضافة إلى ذلك من الشعبية التي أكتسبها نتيجة اهتمامه بالعدل، وسياسته الدينية السُنِّيّة التي تجلت في أمور كثيرة: فقد أسبغ النعم على أهل الورع، وعلى العلماء ولأشراف، واحتفل بالمولد النبوى الشريف، وعمل على مساندة المذهب السنى في جربة، وشيد العمائر المدنية والدينية وألغى الضرائب التي لا تقرها الشريعة، وعد التوسع في تسيير السفن الخاصة التي تحارب العدو نوعًا من الجهاد. وساد التمسك بحرفية المذهب المالكى بفعل سلطان الفقيه المشهور ابن عرفة (٧١٦ - ٨٠٣ هـ = ١٣١٦ - ١٤٠١ م) ويرجع إليه معظم السبب في إبعاد ابن خلدون إلى القاهرة حيث توفى سنة ٨٠٨ هـ (١٤٠٦ م). ويستدل من ذكر قصر باردو لأول مرة سنة ٨٢٣ هـ (١٤٢٠ م) على مبلغ