للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقد كانت منصرفة إلى الصلاة والصوم. والواقع أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] خشى أن يباعد ذلك ما بينه وبين عمر؛ وكانت حفصة في بيت النبي [- صلى الله عليه وسلم -] تظاهر عائشة على زوجاته الأخريات، وقد وضعت كل مالها من سلطان في خدمة "حكومة الثلاثة" وهو الحزب الذي كان يسعى إلى استخلاف أبي بكر وعمر بعد محمد، [- صلى الله عليه وسلم -] وقد تلقت نصيبها في غنائم خيبر شأنها شأن سائر زوجات النبي [- صلى الله عليه وسلم -] ولما مات محمد رصد لها في الديوان دخل يقدر بنحو ١٠,٠٠٠ درهم سنويًا. وصفوة القول أنه لم يكن لها شأن كبير حتى في خلافة أبيها، وهي في ذلك على طرفى نقيض من عائشة التي كان لها شأن خطير في كثير من النواحى.

وقد حرضت حفصة أخاها عبد الله، وكان رجلًا ضئيل الشأن (١)، على المطالبة بالخلافة عندها جرى التحكيم في أذرح واجتمع القول على أنها ماتت عام ٤٥ هـ في عهد مروان بن الحكم وقد بلغت الستين أو نحوها، ولم تعقب من النبي [- صلى الله عليه وسلم -].

المصادر:

(١) ابن سعد: الطبقات (طبعة Sachau)؛ جـ ٣، ص ٢٨٥ - ٢٨٦، جـ ٨, ص ٥٦ - ٦٠.

(٢) ابن حجر: الإصابة، جـ ٤، ص ٢٧٣ - ٢٧٤.

(٣) Le triumvirat Abu Bakr,: H.Lammens Omar et Abu Obaida (مستخرج من Mel. facul. orientale, بيروت؛ جـ ٣، ص ١٢٠.

(٤) ابن هشام: السيرة (طبعة Wues- tentenfeld) ص ٣٢١، ١٠٠١.


الصحيح، بل هو من الغمزات التي اعتادها هذا الكاتب. فإن عمر كان أشد إخلاصًا لرسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] وحبا له من أن يتأثر ما بينهما بزواج امرأة أو طلاقها. وكان عمر حين هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه كلهن - لا حفصة وحدها - من أشد الناس على ابنته وعظًا وتعليمًا، حتى لا يغضب الله عليها لغضب رسوله. وتفصيل ذلك ثابت في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (برقم ٢٢٢ بشرحنا وتحقيقنا) ورواه أيضًا البخاري ومسلم في الصحيحين وغيرهما من دواوين الحديث الصحاح.
(١) ما كان عبد الله بن عمر رجلا ضئيل الشأن, ولكن كان زاهدًا في الحكم والسلطان, يخاف الله، ويخشى أن لا يقوم بحق الولاية، فاعتزل الخلافات السياسية في عصره. وله في هذا رأيه، وليس لأحد أن يجعل من ذلك مغمزًا فيه.
أحمد محمد شاكر