يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا}. وتبين هذه الآية أن الله رخص للنبى [- صلى الله عليه وسلم -] أن يؤخر أو يقدم ما يشاء من زوجاته ولا حرج عليه في ذلك. وكانت أحب زوجاته إليه عائشة وزينب وأم سلمة، ولكن البلاذرى (أنساب الأشراف، جـ ١، ص ٤٤٨، ٤٦٧) واليعقوبي (جـ ٢، ص ٩٣) يضيفان حفصة إليهن. وفى مرض النبي [- صلى الله عليه وسلم -] الأخير تذكر الأحاديث المحاولات التي بذلتها عائشة وحفصة لتدبير أن يقع حديث خاص بين النبي [- صلى الله عليه وسلم -] وبين أبويهما قبل وفاته مع استبعاد صحابته الآخرين، وعلى بخاصة. وهذا أمر محتمل بالتأكيد رغم أن هذه الأحاديث تناقضها أحاديث أخرى فيما يتعلق بالأشخاص الذين دعاهم النبي [- صلى الله عليه وسلم -] ليكونوا بجواره. ويستحيل علينا القول أي هذه الأحاديث أقرب إلى الصحة. وتذكر بعض الأحايث أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] أرسل حفصة إلى أبي بكر ليؤم الناس في الصلاة في أثناء مرضه. ويقال إن حفصة اقترحت على النبي بناء على نصيحة عائشة (أو نصيحة [- صلى الله عليه وسلم -] أبي بكر عن طريق عائشة) أن يكلف عمرًا بهذا الأمر بدلًا من أبي بكر نظرًا لضعف صحته الشديد، وأن صوته قد تخنقه العبرات، ويبدو غريبًا أن تصدر هذه النصيحة من عائشة؛ على أنه قد أشير إلى أن من اختير لإمامة الناس في الصلاة، لا بد أن يحس بالضر أكثر من إحساسه بما يصيبه من فضل بخلافة النبي عليه السلام في وقت لم يكن فيه لهذه المهمة أي مغزى سياسى بعد. وفى هذا الشأن أيضًا رويت بعض الأحاديث المختلفة كل الاختلاف ..
بعد موت النبي [- صلى الله عليه وسلم -] خصص لحفصة مثل سائر زوجات النبي راتب سنوى، وحظيت باحترام المسلمين، ولكنها لم تقم بأى دور سياسى حتى في أثناء خلافة أبيها، ويتعلق كل ما روى عنها خلال هذه الفترة بأمور غير ذات بال، فقد سألها بعض الصحابة أن تلح على عمر في أن يخصص لنفسه من بيت المال راتبًا أسخى، ولكن عمر لم يكن بالذى يقتنع بذلك: لأنه انتهج نهج النبي [- صلى الله عليه وسلم -] وعاش عيشة غاية في الاقتصاد في مطعمه وملبسه، كان يأكل القليل ويلبس الخشن من الثياب. على