حتى لا يصبح ذلك عادة: فقالت له إحداهن تلو الأخرى حين دنا منها: ما هذه الريح التي أجد منك: أكلت مغافير (لبانة شامية حلوة من شجرة العرفط) ولكن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] لم يكن أكل من هذا النبات، ومن ثم فإن هذه الريح لا يمكن أن تأتى إلا مما شربه من قبل عند أم سلمة، وأن السبب هو أن العرفط قد جرسه النحل. وكان من نتيجة ذلك أن حرم النبي [- صلى الله عليه وسلم -] على نفسه شرب العسل، وقد حلله الله. وفى حديث من الأحاديث (البخاري، جـ ٣، ص ٢٥٨، جـ ٤، ص ٢٧٣ وما بعدها) نجد أن السر الذي أسره النبي [- صلى الله عليه وسلم -] إلى إحدى زوجاته، والقسم الذي يشير إليه القرآن يتعلقان بتحريم النبي [- صلى الله عليه وسلم -] شرب العسل على نفسه (وليس بحادث مارية القبطية). ومن ثم نجد بعض رواة الحديث المتقدمين يؤكدون وجود قاعدة أخلاقية مختلفة عن تلك القاعدة التي سادت في وسط النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، محاولين بقدر الإمكان تعديل الروايات التي نقلها رواة آخرون. وهذا الاتجاه الذي يرمى إلى فرض ستار من التحفظ الحكيم على حياة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] الزوجية تؤكده التفاسير الحديثة، وخاصة تلك النسخة من القرآن وترجمته التي نشرها مولانا محمد على برعاية الطائفة الأحمدية.
وثم حادثة أخرى لم يشر القرآن إليها، توضح لنا مرة أخرى كيف حاولت عائشة وحفصة الكيد لسيدة نبيلة الأرومة هي أسماء بنت النعمان الجونية التي أرسل النبي [- صلى الله عليه وسلم -] إلى قبيلتها طالبًا الزواج منها. إذ أنهما بعد أن قاما بتزينيها للدخول بالنبى [- صلى الله عليه وسلم -] نصحتاها حين يقربها أن تقول (إنى أعوذ بالله منك) وأخبرتاها بأن هذه العبارة تسره إذا فاهت بها امرأة في مثل هذه الظروف. وكان من نتيجة هذه النصيحة أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] غطى وجهه بكم عباءته، وقال ثلاث مرات (أنا الذي أعوذ بالله منك) وتركها وسرعان ما أعادها إلى قبيلتها محملة ببعض الهدايا ليخفف عنها حزنها، ولم تتزوج المسكينة مرة أخرى، وماتت كمدًا. وعن حفصة وهي واحدة من زوجات النبي [- صلى الله عليه وسلم -] الأربع اللاتى كن أحب نسائه إليه يقول القرآن في سورة الأحزاب الآية ٥١ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا