بتحريمه على نفسه ما أحل الله له ابتغاء مرضاة ازواجه، وأن إحداهن أفشت حديثًا أسره إليها؛ وتشير آيات في هذه السورة أيضًا إلى أن اثنتين من زوجات النبي [- صلى الله عليه وسلم -] قد تظاهرتا عليه وتختتم الآيات بتهديدهما بالطلاق. ويشرح المفسرون، ومؤلفو كتب أسباب النزول، وكُتَّاب السيرة النبوية، والمُحَدِّثُون هذه الآيات على هذا النحو: أن الرسول عليه السلام خلا بمارية القبطية في بيت حفصة وفى غيبتها، ورجعت حفصة وعلمت بذلك واشتد غضبها فقال لها: اكتمى على وقد حرَمْتُ مارية على نفسى استرضاء لها. ولكن حفصة أفشت الحديث لصديقتها عائشة. وتغيظ النبي [- صلى الله عليه وسلم -] فطلق حفصة، فأنزل الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فقيل له: "راجعها، فإنها صَوَّامة قوَّامة، وهي من أزواجك ونسائك في الجنّة"(ابن سعد، جـ ٨، ص ٥٨) أضف إلى ذلك أن عمر حزن على ما أصاب ابنته حزنًا شديدًا (من المرجح أن جزع عمر كان السبب في مراجعة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] لحفصة). وتحلل النبي [- صلى الله عليه وسلم -] من يمينه بتحريم مارية بالكفارة وهجر أزواجه تسعًا وعشرين ليلة. ويرجع نولدكه تاريخ هذا الحادث إلى سنة ٧ هـ (٦٢٨ - ٦٢٩ م)، ويرجعه كيتانى إلى سنة ٩ هـ (٦٣٠ - ٦٣١ م). ومن الواضح أن بعض رواة الأحاديث لم يرضو عن هذه القصة فقد رأوا فيها ما يمس النبي [- صلى الله عليه وسلم -]: ويؤكدون أن الحديث الذي أسره النبي [- صلى الله عليه وسلم -] إلى حفصة وأفشته لعائشة، هو أنه أخبرها بأن الخلافة بعده تكون في أبى بكر وعمر (البلاذرى، أنساب الأشراف، جـ ١، ص ٤٢٤ إلخ ... )
أما عن الآية الأولى من سورة التحريم فتزودنا المصادر بأسباب نزول أخرى، ولكنها تقر التفسير المتقدم لما يليها من آيات، وهذه الأسباب هي أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] زار إحدى زوجاته، ويقال بصفة عامة إنها أُم سلمة، ويقال أحيانًا إنها حفصة (ابن سعد، جـ ٨، ص ٥٩ الخ ... ، وفى هذه الحالة تتغير الأسماء كما سيأتى) فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، حيث قدمت له شرابا من عسل كان يحبه. فتواطأت عائشة وحفصة، وبعض زوجات النبي [- صلى الله عليه وسلم -] الأخريات