(ب) و"الحقيقة العقلية" وهى التصور الدقيق للشئ كما يتقرر فى العقل (Lexique de La: A. M. Goichon Longue Philosophique d' Ibn Sina باريس سنة ١٩٣٨ , ص ٨٤). ومن ثم، نخلص من هذا الاتجاه العقلى إلى القول بأن الحق هو الحكم المطابق للواقع (انظر الجرجانى، المصدر المذكور، ص ٩٤).
٣ - فى التصوف: والمعنى الفلسفى للمصطلح يستبطن فى تجربة عقلية مرهفة الذوق (معرفة). والحقيقة هى الحقيقة الباطنة التى لا يفتح الطريق لها إلا الاتحاد بالله، ويترجمها نيكلسون Nicholsom: بعبارة Essential Idea 'The idea of Personality in Sufism, طبعة كمبردج سنة ١٩٢٣, ص ٥٩؛ وانظر الأنصارى: كتاب المنازل، العشرة الفصول التى يضمها القسم المعنون "الحقائق". وثمة اتجاهان لمذاهب التصوف:
(أ) صوفية "وحدة الشهود" ومثال ذلك أن (الحلاج) يحتفظ للحقيقة بمعنى الوضوح المطلق للأشياء ليتفهمها الصوفى بروحه، وهى تؤدى إلى الحق، ولكنها ليست فى ذاتها هى الحق. ويقول الحلاج إن حقيقة الشئ هى دون الحق (انظر، لويس ماسينيون، Passion، ص ٥٦٨).
(ب) الصوفية المتأخرون إبتداء من ابن عربى، ويرون بصفة عامة أن الحقيقة هى الحقيقة المطلقة للحق نفسه ماثلة فى "وحدة الوجود"، ومن ثم، فإن حقيقة الكون هى الله متجليًا فى صفاته (انظر، الرسالة الرئيسية من كتاب فصوص الحكم لابن عربى). وعلى ذلك تكون تجربة الوحدة أو التحقق تجربة فاعلة (ذات طابع عقلى غنوصى) للحقيقة الأحدية دون الحق نفسه. وتصطنع بعض التعبيرات الصوفية هذا المعنى الثانى (الجرجانى، المصدر نفسه، ص ٩٥): حقيقة الحقائق، وتسمى أيضا "حضرة الجمع"، و"حضرة الوجود"، وحقائق الأسماء: أى حقائق أسماء الله، وهى تعينات "الذات" وصلتها بعالم الظاهر، أى الصفات التى يتميز بها إنسان عن إنسان، والحقيقة المحمدية، هى الذات مع التعين الأول وهى "الاسم الأعظم".