٤ - وثمة استعمالات أخرى يمكن أن نستعرضها. وفى وسعنا أن نسوق بعض الشواهد على سبيل التمثيل لاستعمال الغزالى الذى ينبرى للتحدث وهو واقف على الحد الفاصل بين مفردات الفلسفة والتصوف (قبل أن يشرح شرحًا وافيًا وحدة الوجود): والحقيقة هى الحقيقة الباطنة وجوهر الموجودات، والثمرة التى تكتشف تحت القشرة. ويتردد كثيرًا التعبير القائل: حقائق الأمور (انظر مثلا، المنقذ من الضلال، ص ٨) وتكاد كلمة حقائق هنا أن تكون مرادفة لكلمة (أسرار)؛ وكذلك حقيقة الحق (انظر مثلا، إلجام العوام، ص ٥٦) التى تحيل "الإيمان" فى لمح البصر إلى "يقين".
وقد نعرف بعد معنى "الحقيقة" وفقًا لمقابلين متبادلين يساعدان فى كثير من الأحيان على شرحها.
(أ) الحقيقة من حيث هى مختلفة عن حق. والتحليلات المتقدم ذكرها هى الخطوة الأولى فى هذا السبيل. ويمكن أن نفرق بين الحقيقة والحق فنقول: المجرد والمادى- أى الألوهية والله - على حد قول لويس ماسينيون (Passion , ص ٥٦٨). وبعد فإنه "إذا كانت الحقيقة فى جانب الحق (انظر ما تقدم) "فكل شئ حق له حقيقته" كما يقول الحلاج (المرجع نفسه، ص ٨٠١، تعليق ١) ثم هل أسماء الله (السُلمَى، وانظر Lexique tech-: Louis Massingnon nique de le mystique musulmane طبعة باريس سنة ١٩٥٤، ص ٣١٠): من حيث إدراكنا هى اسم واحد؛ ومن وجهة نظر الحق (الحق = الله)، هى "الحقيقة"؟ وإذا حددت كلمة حق بأداة التعريف فقيل "الحق" فإنها تكون الاسم نفسه الذى يدل فى أغلب الأحوال على الله فى استعمال الصوفية، ومن ثم لا يمكن أن يلتبس بالحقيقة. ولكن الكلمة بغير أداة التعريف "حق" يمكن أن تتخذ معنى مجردًا تمامًا يقربها من كلمة حقيقة (انظر، طبعة لويس ماسينيون، لكتاب الطواسين، باريس سنة ١٩١٣, ص ١٨٤, تعليق ١). ومن هنا نجد عند الصوفية المتأخرين أن الحقيقة أصبحت تدل على حالة مستبطنة فاعلة تدرك المرء فى بحثه عن الله وتثبت قلبه على