هذه الحال بتنزيه فكره عن الصفة الإلهية (انظر: الهجويرى: كشف المحجوب، الترجمة الإنجليزية، نيكلسون، ليدن - لندن سنة ١٩١١, ص ٣٨٤). وفى هذا المعنى، يمكن أن تدل كلمة حق فيما يتصل بالله على "الذات التى لم تتجل" وأن تكون كلمة حقيقة هى الصفات التى لا ريب فى أنها هى الوجود الباطن للأشياء (انظر، كشاف إصطلاحات الفنون، ص ٣٣٣ وما بعدها). ويحب صوفية "وحدة الوجود" أن يسموا أنفسهم "أهل الحقيقة" ولكن "أهل السنة والجماعة" يتخذون لقب "أهل الحق" (انظر la prifessisn de Foi d' Ibn: H. Laoust Batta؛ طبعة دمشق سنة ١٩٥٨، ص ١٦٦, تعليق ٢).
(ب) الحقيقة متباينة عن الشريعة. وهذا واحد من الموضوعات التى يتناولها كتاب كشف المحجوب للهجويرى. وحقيقة هنا لها معنى قريب كل القرب من استعمال الغزالى، فهى الحقيقة الباطنة التى تظل ثابتة "من عهد آدم حتى تقوم الساعة" مثل معرفة الله، أو أداء الشعائر التى لا تصح إلا بما وقر فى القلب. والشريعة هى الحقيقة التى يجوز عليها النسخ والتغيير شأنها فى ذلك شأن الفرائض والأوامر. وثمة خطأان يجب التحرز منهما: خطأ الفقهاء الخلص الذين يرفضون التفرقة بين الحقيقة الباطنة وأحكام الشريعة؛ وخطأ الباطنية وغلاة الشيعة (مثل القرامطة) الذين يرون أن الشريعة قد تنسخ حين تدرك الحقيقة الباطنة. وواقع الأمر هو أن الشريعة، كما يقول الهجويرى: لا يمكن أن تقوم إلا بوجود الحقيقة، ولا تقوم الحقيقة إلا إذا اتبعت الشريعة (كشف المحجوب، الترجمة الإنجليزية، ص ٣٨٣). ذلك أن كلا منهما يقوم على ثلاث دعائم: فالحقيقة معرفة لها ثلاثة أوجه:
(أ) المعرفة بذات الله ووحدانيته.
(ب) المعرفة بصفاته.
(جـ) المعرفة بأفعاله وحكمته؛ والمعرفة الثلاثية بالشريعة هى: