وفيما نقله عن الفارسية نضر بن الحارث (انظر ابن هشام ص ١٩١) وتجد خواتيمها فى "الحدوتة" تحكى باللغة العامية ولا يكتبها أو يطبعها حتى الآن إلا علماء أوربيون أو بعض المصريين والسوريين الذين شذوا عن العرف المألوف.
وتعدد الأسماء التى تطلق على الأنواع المختلفة من الحكايات يبين بذاته مقدار الاهتمام بها وكيف أن العرب عنوا عناية فائقة بالتمييز بين أنواعها. وقد ذكرنا فيما سبق طائفة من هذه الأسماء، ونذكر الآن غيرها، فمثلا "رواية" كان مدلولها فى أول الأمر إعادة الحديث أو إنشاد الشعر على لسان "راو" فأصبحت الآن فى معناها العادى تطلق على الخبر والملهاة والمأساة تقرن أحيانا بكلمة تمثيلية وأحيانا تذكر مجردة.
ومن الأسماء أيضًا "المثل" والجمع "أمثال" فالحكاية هنا مثل أو تصوير بعض المواقف أو الأحكام والمبادئ مثل ما اشتملت عليه الحكايات التى ذكرت على ألسنة الحيوان فى كليلة ودمنة.
ومن الأسماء كذلك "سيرة" والجمع "سير" أى ترجمة حياة شخص. ومنها أيضا "نوادر" وهى حكايات متفرقة، ومنها "قصة" والجمع "قصص" وهى تطلق على الخبر أيا كان نوعه، ولكنها خصصت فى القرآن وعند أهل الفن من القصاص للدلالة على أساطير الأولين وقصص الأنبياء (انظر Goldziher: Muh Studren جـ ٢، ص ١٦١ وما بعدها).
وهذه المعانى الأخيرة فيها تضاد تام لمعنى "الحكايات" فى صورته الأولى، فإنه لم يكن يطلق على قصص الغابرين بل كان يطلق للدلالة على صور الحاضر. وقد وضح هذا كل الوضوح فى المثل الوحيد الذى طبع إلى يومنا هذا، وهو حكاية أبى القاسم البغدادى التى نشرها Adam Mez بعنوان (Abulkasim ein bagdader Sittenbild) ومؤلفها محمد أبو المطهر الأزدى يقول فى مقدمتها إنه ينشئ نوعًا من الأدب جديدًا، لا هو بالمقامة ولا هو بالرسالة (ولا بد أن يكون قد عرف مقامات الهمذانى)، وإنما هو صورة واقعية تصور أحوال البغداديين وأسمارهم