سنة ٣٦٤ للهجرة تفسيرًا له (انظر الفهرست ص ٢٥٠، س ٤، ص ٢٦٤ س ١٢) وفى هذه الترجمة استعملت كلمة "حكاية" ترجمة للكلمة اليونانية مميسيس (انظر Margoliouth: Analecta Orientali)
وتصوير الفن الأدبى على أنه محاكاة للحياة عندما ينتقل إلى اللغة العربية يمكن أن ينشأ عنه ذلك النوع من الأدب، أدب أبى المطهر. وقد حدث بعد هذا تطور آخر فى معنى "حكاية" فأصبح يدل على القصة، ولا بد أن هذا التطور وقع سريعًا لأننا نجد الحريرى المتوفى سنة ٥١٦ للهجرة قد نسى تمامًا الاستعمالات الأولى لهذه الكلمة؛ بل نسى كذلك أنه كان فى مقدوره أن يطلق "حكاية" حتى على أمثال كالتى جاءت فى "كليلة ودمنة" على ألسنة الحيوان (انظر ده ساسى، جـ ٢١، ص ١٣، الطبعة الثانية).
وعندما يقرر الحريرى فى الفقرة نفسها أن مقاماته حكايات يكون أكثر قربًا من المعنى الحقيقى لهذا اللفظ. ذلك أن المقامات تعطينا من غير شك صورًا للحياة فى عصره، وإن كان قد عرضها فى صورة من البلاغة المصنوعة، وقصد منها إلى إبراز مقدرته اللغوية لا غير. ومن هذه الناحية نجد أن المقامات هى أصدق ما عرفه الأدب العربى تصويرًا لهذا النوع من حياة الصعلكة والاعتماد فى العيش على قوة القريحة، وتلك صفات تتميز بها الروايات التى تتحدث عن مغامرات الصعاليك.
وقد أخذت الفكرة نفسها، ثم بسطت بلغة العامة فى حكايات طويلة مثل حكايات على الزئبق التى تصور حياة الصعلكة تصويرًا صادقًا. واشتمل كتاب ألف ليلة وليلة على مختصر لها. وطبعت المجموعة المطولة على حدة فى بيروت والقاهرة.
ولم يكن من الممكن أن تستعمل كلمة "حكاية" بمعنى القصة من أى نوع إلا بعد أن تكون القصة قد مرت بمرحلة كانت تدل فيها على القصة الخيالية التى لا تتعلق بحوادث عجيبة وقعت فى عصر سالف أو فى بلاد بعيدة، أو تتحدث عن تعاون الجن والسحرة، ولكنها تتضمن صورًا من صميم الحياة