هو أن الفلسفة القديمة يجب أن تكون واحدة أو على الأقل ينبغى ألا يكون هناك تناقض بين قطبيها الكبيرين اللذين يمثلانها وهما أرسطو وأفلاطون. فمذهباهما يجب ألا يكونا سوى التعبير عن حقيقة واحدة بأسلوبين مختلفين. وكتب الفارابى فى هذا المعنى عدة رسائل:"كتاب الجمع بين رأيى الحكيمين أفلاطون الإلهى وأرسطوطاليس" و"أغراض أفلاطون وأرسطو" و"كتاب التوسط بين أرسطوطاليس وجالينوس"، ويجب أن نلاحظ أن فيلسوفنا كان يعتقد بصحة نسبة كتاب "أثولوجيا" إلى أرسطوطاليس، وهو كتاب منحول، فى الأفلاطونية الجديدة، كتب على نهج تاسوعات أفلوطين. وقد أدى هذا الخطأ إلى أن يكون أبو نصر فكرة خاطئة إلى حد بعيد عن مذهب المشّائين.
وقد نشر ديتريتشى Dieterici تسع رسائل صغيرة للفارابى أهمها "رسالة فصوص الحكم" وهى تشتمل على أنظار كثيرة كتبت فى إيجاز، وكانت كثيرة الذيوع عند المشارقة. ولها شرح كتبه إسماعيل الحسينى الفارابى أحد كتاب القرن الخامس عشر الميلادى. وقد طبع هذا الشرح بالمطبعة العامرة عام ١٢٩١ هـ وجعله هورتن M. Horten موضوعًا لدراسته. ونشر ديتريتشى للفارابى غير تلك الرسائل "رسالة آراء أهل المدينة الفاضلة" وهو كتاب هام يقع فى أربعة وثلاثين فصلاً تأثر فيه فيلسوفنا الإسلامى بأفلاطون، وبين فيه كيف يتصور نظام المدينة الفاضلة: فهذه المدينة يتولى أمرها الحكماء، وغايتها محاكاة الكمال الذى فى المدينة السماوية، فيعداد أهلها للحصول على السعادة الأخروية. وليس لهذه النظرية إلا نفع عملى قليل ولكن لها بعض الأهمية فى موضوع الإلهيات.
وكان غرض الفارابى، شأن غيره من فلاسفة مدرسته، أن يحيط بجميع العلوم. ويظهر أنه كان عالمًا بالرياضيات بارعًا وطبيبًا لا بأس به. وكتب كذلك فى العلوم الخفية، كما كان إلى جانب هذا موسيقيًا متفننًا ندين له بأهم رسالة عن نظرية الموسيقا