للسلطة فى بغداد، ظلت محاكم التحكيم الخاص والإجراءات الإدارية للقبائل كما هى.
وأصبحت تنمية الموارد القومية منذ وقت مبكر مسئولية الحكومة فى العراق وخاصة فى مجال الرى والزراعة. وشجعت البلديات، ومدت بالمال لتطوير مواقعها (قانون البلدية العام سنة ١٩٢٩). وبتحسن المواصلات تقدمت الإدارة الحكومية المباشرة لبغداد على حساب القوى الأخرى خاصة شيوخ القبائل.
ويماثل نظام محاكم الدرجة الأولى للمديريات نظيره فى مصر. ومع ذلك، ظل "القانون المدنى العثمانى" مطبقًا فى العراق حتى سنة ١٩٥١ - ١٩٥٢, وهنالك حلت محله قوانين أخرى. وكما فى مصر تتحكم وزارة الداخلية فى العاصمة فى إدارة المديريات، حتى أن المبادرات المحلية ظلت محدودة. ويعد هذا شيئًا بالغ الأهمية فى العراق حيث تميل الجماعات إلى تحدى السلطة المركزية للحكومة، ومع هذا، تشكل بمرور السنوات جهاز دائم من الموظفين المدنيين تزايد عدد أفراده، كما هى الحال فى الدول العربية الأخرى، خاصة منذ بداية الانقلابات العسكرية فى يولية سنة ١٩٤٨, وهى الانقلابات التى أدت إلى أن تتوسع الحكومة فى الخدمة العامة. واستمرت هيئات الخدمة العامة فى استيعاب العراقيين المتعلمين. ونهض القانون الصادر عام ١٩٥٧ بإجراءات الخدمة المدنية، وأنشأ "مجلس الخدمة العامة". وكما فى مصر، أصبحت إدارة العمل والأمن الاجتماعى مسئولية الدولة سنة ١٩٣٩ - ١٩٤٠, وتوسع فيها سنة ١٩٥٦. كما أصبح من أكبر مهام الحكومة منذ ١٩٥٣، ترشيد استخدام موارد رسوم البترول لمشاريع التنمية الرئيسية. كما أصبح التعليم الإجبارى مسئولية الدولة وتديره الحكومة منذ سنة ١٩٤٠. ولكن عدم الاستقرار السياسى الذى ينعكس بعضه فى التورط الدائم للجيش فى السياسة والفتن القبلية المتعددة، والصراع الدائم بين الحكومة والأكراد، أثر بطريقة عكسية على سير الأجهزة الإدارية فى عملها برفق ويسر. كما تضاءلت كفاءة الحكومة منذ أغسطس