وأحس ابنه الحسن (١٨٧٣ - ١٨٩٤) أيضًا بالحاجة لتطوير الدولة المراكشية فقرر عند ولايته العرش أن يستأنف مشروعات أبيه الاقتصادية والعسكرية، وكان هو الذى استقدم إلى مراكش معلمين أوروبيين لجيشه. وكانت إصلاحاته محدودة المدى تعوقها دائمًا المنافسات الأوروبية وتضعفها الأزمة المالية التى بدأت فى الظهور بمراكش فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، إلا أن هذه الإصلاحات نجحت فى إثارة الرأى العام المراكشى، ليس فى المدن فحسب بل بين القبائل المنشقة أيضًا. وظلت الحال كما هى عليه إلا من بعض التحصينات القليلة على الساحل والقليل من سريّات مدفعيات الميدان، والكثير من المشاعر التى تنطوى على السوء.
وحين اعتلى ابنه عبد العزيز العرش (١٨٩٤ - ١٩٠٨) لم يكن الوقت مناسبًا للإصلاح، إذ كانت مراكش تتدهور أكثر من أن تتقدم. وظل عبد العزيز حتى موت وزيره وناصحه أحمد بن موسى، لا يمارس سلطته إلا نادرًا، وإذا به يجد نفسه وحيدًا فى مايو ١٩٠٠، لكنه رغب فى أن يدخل إصلاحات. ولم يكن الذى دفعه إلى ذلك الموقف فى مراكش فحسب، بل دفعته أيضًا نظرته إلى التجديد. وقد جلب من أوروبا جملة من الآلات والمعدات بنية إقامة سكة حديدية تمتد إلى فاس، ثم تصور بخاصة أن يقيم إصلاحًا فى المالية المراكشية عن طريق إصدار مرسوم يقضى بأن يتساوى ممولو الضرائب فى أداء ضريبة الأرض. وأدت ردود الفعل العنيفة للقبائل المراكشية، والمنافسة الشديدة لبعض الدول الأوروبية إلى إغراق مراكش فى إضطرابات أجبرت عبد العزيز سنة ١٩٠٨ على النزول عن العرش دون أن تثمر محاولاته للإصلاح أية ثمرة.
وقبل أن يعتزل عبد العزيز السلطة، نودى بأخيه الأكبر عبد الحافظ سلطانًا على مراكش (١٩٠٧ - ١٩١٢)، ليواجه الإنتهاكات الأوروبية، ثم اعتلى العرش أخيرًا سنة ١٩٠٨ ولكنه ووجه بأزمة مالية، وقبائل غاضبة على استعداد للإنتقاض، ودول أوربية لها أطماع