وقت متأخر كالقرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى ظلت الإشارة إلى الحمام بعبارة "حمامات رومية") علاوة على أن زخرفته اقتبست، على مدى حقبة طويلة، من تقاليد عرفت قبل الإِسلام. وكان الناس يقصدونه طلبًا للراحة والاسترخاء، كما كانوا يقصدونه استيفاءًا لقواعد الصحة والنظافة أو إقامة شعائر دينية. وكانت الحمامات العامة كثيرة فى كل مدينة وتخص فى أيام بعينها أو أوقات بعينها للرجال وفى أيام وأوقات أخرى للنساء. وكانت مصدر دخل كبير لمن ينشؤنها من الأفراد أو السلطات. وقد أدى شيوع استعمال الحمام أيضًا إلى إقامة حمامات خاصة داخل حدود القصور أو داخل المنازل الكبرى بالمدن.
ويمكن العثور فى المصادر المتقدمة فى الزمن على معلومات بشأن عدد الحمامات التى كانت موجودة فى الحواضر الإِسلامية فى العصور الوسطى، حين وضعت التقديرات الحديثة لعدد سكان المدن فى ذلك العهد وفقًا لهذه المعلومات. والحقيقة أن قيمة التفصيلات التى تتوافر لنا على هذا النحو تتفاوت بدرجة كبيرة طبقًا للمصدر الذى تم استقاؤها منه: هل هو قوائم تسجيلية دقيقة للآثار أم مجرد تقديرات الإخباريين؟
فمما يندرج تحت الفئة الأولى، على سبيل المثال، ما قدمه ابن عساكر من معلومات عن دمشق فى القرن السادس الهجرى الموافق الثاني عشر الميلادى (٥٧ حمامًا داخليًا: تاريخ دمشق، تحقيق صلاح المنجد، المجلد الثاني، الجزء الأول، دمشق، سنة ١٩٥٤، ص ١٦٢ - ١٦٤) ثم ما قدمه ابن شدّاد بعد ذلك بقرن من الزمان عن حمامات حلب (٨٠ حمامًا داخليًا و ٩٤ حمامًا خارجيًا، علاوة على ٢١ حمامًا خاصًا فيكون مجموعها ١٩٥: Description d'Alep، تحقيق: D. Sourdel , دمشق، ١٩٥٣، ص ١٣٠ - ١٣٨)، وكذلك عن حمامات دمشق (٨٥ حماما داخليًا و ٣١ حمامًا خارجيًا، أي ١١٦ حمامًا على وجه الإجمال: Description de Damas, تحقيق سامى الدهان، دمشق، ١٩٥٦، ص ٢٩١ - ٣٠٢) وهى معلومات تبدو