معقولة حينما نأخذ بعين الاعتبار أنه كان بدمشق منذ ٣٠ عامًا ستون حمامًا تعود إلى تواريخ مختلفة وأن ٤١ حمامًا منها كانت ما تزال قيد الاستعمال فى ذلك الحين.
أما البيانات المتناقضة التى ساقها كاتب مثل هلال الصابى عن بغداد، فتقل درجة الثقة فيها والتعويل عليها كثيرًا عن البيانات السابق ذكرها: فإن الرقم الذى ذكره عن عدد الحمامات فى هذه المدينة فى حقبة زمنية تمتد من القرن الثالث الهجري الموافق التاسع الميلادى إلى القرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى يترواح بين ٦٠ ألفًا وألف وخمسمائة. وبالمثل نجد الأرقام المذكورة عن قرطبة فى نهاية القرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى تتراوح ما بين ٣٠٠ حمام فى عهد عبد الرحمن الثالث (ابن عذارى: البيان، جـ ٢، تحقيق دوزى، ص ٢٤٧؛ والترجمة الفرنسية بقلم Fagnan ص ٣٨٣) و ٦٠٠ فى عصر المنصور بن أبى عامر (المقرى: نفح الطيب Analectes, الجزء الأول، ص ٣٥٥) وتبدو المعلومات التى ذكرها ليو الإفريقى عن فاس فى القرن العاشر الهجرى الموافق السادس عشر الميلادى) أجدر بالتعويل عليها (حيث أورد قائمة بمائة حمام، فى حين لم يوجد منها سنة ١٩٤٢ سوى ثلاثين)، وكذلك المعلومات التى ذكرها أوليا جلبى عن استانبول فى القرن الحادى عشر الهجري الموافق السابع عشر الميلادى (٦١ حمامًا داخليًا و ٥١ حمامًا خارجيًا، علاوة على حمامات خاصة أخرى، مما يجعل إجمالى عددها نحو ١٥٠ حمامًا) وهي تفصيلات يصعب وصفها بالمبالغة. على أننا سقنا هذه الإحصائيات القليلة على سبيل المثال فحسب؛ لنبين المدى الذى تذهب إليه الوثائق المتاحة، مما يقتضي عقد مقارنات متأنية بين مصادر المعلومات المتماثلة (مع اللجوء إلى المحفوظات كلما أمكن ذلك) فى سبيل إصدار إضافة يعول عليها فى مجال التاريخ الاجتماعى والاقتصادى.
ومن جهة أخرى لا بد من ذكر الأوصاف الحية للحمامات الإِسلامية،