وأهم تلاميذ ابن تيمية هو ابن قيم الجوزية المتوفى سنة ٧٥١ هـ (١٣٥٠ - ١٣٥١ م؛ الذيل، جـ ٢، ص ٤٤٧ - ٤٥٣) وقد شاركه بعضًا من محنه الأخيرة. وكان واعظًا أكثر منه متكلمًا وله حاشية على كتاب "المنازل" للأنصارى (٣ مجلدات، القاهرة، سنة ١٩١٦) كما بقى لنا من مؤلفاته رسالة ذات أهمية فى أصول الفقه، وكتاب "إعلام الموقعين"(٣ مجلدات، القاهرة سنة ١٩١٥) ورسالة فى الفقه العام أدارها حول نظرية فى الأدلة وهى رسالة "الطرق الحكمية"(القاهرة، سنة ١٣١٧ هـ والطبعات التالية)، ثم منظومة فى العقيدة هى "النونية" انصرف كلامه فيها بصفة خاصة إلى الهجوم على الجهمية ومذهب الاتحاد (صدرت منها طبعات كثيرة بالقاهرة منذ سنة ١٩٠٢ م).
عبد الرحمن بن رجب المتوفى سنة ٧٩٥ هـ (١٣٩٣ م) وهو من أسرة كانت نشأتها فى بغداد ولكن المقام استقر بها فى دمشق. وقد تتلمذ على ابن القيم. ولما كان فقيهًا أصوليًا ومحدثًا فقد اكتسب لنفسه بمصنفه "الذيل" صفة المؤرخ المثبت الدقيق للمذهب الحنبلى. ومؤلفه الفقهى الضخم "القواعد"(القاهرة، ١٩٣٣) حرى بأن يكون رسالة تتناول موضوعًا واحدًا. ولابن رجب أيضًا عدة رسائل يسعى فيها لتوطيد دعائم موقف السلف، على أساس من العقيدة مع الاستمساك بشئ من الصلابة فى الرأى.
وفى ظل حكم المماليك الجراكسة (٧٨٤ - ٩٢٣ هـ = ١٣٨٢ - ١٥١٧ م) فقد المذهب الحنبلى بعض ماله من مكانة فى الشام وفلسطين لأسباب من العسير التأكد منها، على أنه ليس ثمة ريب فى أن من بين ما يعين على جلاء الأمر وتعليل هذا الاضمحلال النسبى عداء المذهب الحنبلى لمدرسة ابن عربى ومذهب الاتحاد اللذين كان أثرهما فى نمو وازدياد. ومع ما اعتور المذهب الحنبلى من ضعف كبير، فإنه لم يغب عن الساحة غيابًا كاملًا. فقد كانت تمثله أسر عظيمة من الفقهاء الذين احتكروا