التدريس كما احتكروا الوظائف الرسمية، كما يتميز هذا المذهب بكثيرين من علماء الأصول الذين تستوجب مكانتهم منا أن نعمل على إبرازها. وثمة قائمة بأسمائهم فى كتاب "مختصر طبقات الحنابلة" الذى ألفه المفتى الجليل للحنابلة فى دمشق الشيخ محمد جميل الشطى (نشر فى دمشق سنة ١٣٣٠ هـ = ١٩٢١ م) وهو يعتمد على كتاب "المنهج الأحمد" - الذى لم ينشر حتى الآن - لمجير الدين العُليمى المتوفى سنة ٩٢٧ هـ (١٥٢١ م) مؤرخ القدس والخليل.
قاضى القضاة برهان الدين بن المفلح المتوفى سنة ٨٨٤ هـ (١٤٧٩ - ١٤٨٠ م) وهو سليل أسرة أمدت المذهب الحنبلى بعلماء آخرين كثيرين يضارعونه فى الشهرة وذيوع الصيت، وقد صنف فيما صنف تاريخًا للمذهب الحنبلى، لم يقم أحد بتحقيقه حتى الآن.
علاء الدين المرداوى المتوفى سنة ٨٨٥ هـ (١٤٨٠ - ١٤٨١ م) معروف على وجه الخصوص فى تراث المذهب بمرجعه الضخم فى الفروع وهو "كتاب الإنصاف" وبرسالة فى أصول الفقه هى "كتاب التحرير فى أصول الفقه". وقد بدا أثره واضحًا جليًا على كثيرين من علماء مصر فى هذا العصر (المختصر، ص ٦٩) وأتم كتابه شهاب الدين العسكري المتوفى سنة ٩١٢ هـ (١٥٠٦ - ١٥٠٧ م؛ المصدر السابق، ص ٧٨ - ٧٩).
وبعد فتح الشام ومصر (١٥١٧ م) لم يكن نظام الحكم العثمانى موافقًا للمذهب الحنبلى، إلى حد أنه جعل الصدارة للمذهب الحنفى أو الماتريدى. على أن كثيرًا من العلماء فى الشام وفلسطين ومصر خليقون بأن نذكرهم هنا:
شرف الدين موسى الحُجاوى المتوفى سنة ٩٨٦ هـ (١٥٦٠ - ١٥٦١ م) من أبناء القدس وقد كان موضع ثقة عظيمة فى هذه البلاد الثلاثة. وما يعنينا فى المقام الأول أنه مؤلف "كتاب الإقناع"(نشر بالقاهرة) الذى ظل على مدى زمن طويل من الرسائل الأساسية فى الفقه الحنبلى، وما يزال يرجع إليه بصفة مستمرة (المختصر، ص ٨٥).