يترجم منه، وكان يرحل في طلب المخطوطات إلى الشام وفلسطين بل إلى مصر. على أن المبادئ التي التزم بها في فقه اللغة تختلف من وجه واحد عن مبادئنا. فقد أحس شأنه شأن غيره من المترجمين النصارى أن الواجب يقتضيه أن يُسقط كل شيات الوثنية من كتب الأقدمين، وشاهد ذلك أنه كان يستبدل بالآلهة الوثنية الإله الواحد وملائكته وما إلى ذلك. ولم يكن هذا في معظم الأحوال ينقص من القيمة العلمية لترجماته، وإن كان يجور على المادة الأسطورية الغنية الواردة في كتاب الحلم لارتميدورس (انظر G. Strohmaier في Die Araber in: Altheim & F. Steih der Alten Welt، جـ ٥، برلين وما يستجد).
وتشمل الرسالة أيضًا معلومات قيمة عن ترجمات جالينوس سواء صنعها حنين أو معاصروه، ولم يعفهم من النقد العنيف، إذا لزم الأمر، كما أنه كان يراجع في كثير من الأحيان ترجماتهم إلى السريانية أو العربية. وكان هو شخصيا يترجم إلى السريانية خدمة لزملائه النصارى أو إلى العربية خدمة لرعاته. ومما يستلفت النظر أنه لم يتحدث بكلمة عن "بيت الحكمة"، والظاهر أن النشاط الكامل في هذا الميدان كان يعتمد على ضرب من الجهود الشخصية: واستخدم حنين شخصين من أفراد عائلته: ابنه إسحاق، وابن أخته حبيش بن الحسن الأعصم، وتلميذًا آخر اسمه عيسى بن يحيى الذي اشترك أيضًا في ترجمة جالينوس. ولم يكن حبيش ولا عيسى يحسنان فهم الإغريقية جيدا، ومن ثم كانا يترجمان إلى السريانية ما ترجمه حنين إلى العربية (رقم ٣٦، ٣٨، ١١٩)، وكانا في أكثر الأحوال يترجمان إلى العربية ما ترجمه حنين إلى السريانية. وكان هذا يؤدى إلى بعض الفساد في نقل النصوص (انظر Galeni Compendium Timaei Platonis تحقيق P. R. Waltzer و Kraus . لندن سنة ١٩٥١، ص ٢٢ - ٢٤) إذا لم يجد حنين أو إسحاق فرصة لمقارنة الترجمات المختلفة الجديدة بالأصل الإغريقى (الأرقام ٢٠، ٤٩، ٦٩، ٨٦، ١١٣،