ألمانيا، أقيم جسر ومهد طريق للعربات من حيفا حتى يافا. ولكن عدد السكان ظل ضئيلًا على الرغم من هذه التطورات. وقرب نهاية القرن التاسع عشر، بينت الإحصاءات التركية أن عددهم كان ٦٠٠٠ نسمة معظمهم من المسلمين، وباندلاع الحرب سنة ١٩١٤، زاد عددهم إلى ما بين ١٠٠٠٠ و ١٢٠٠٠ نسمة، كان نصفهم من المسلمين، وبقيتهم من المسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس، وبضع مئات من اليهود، وفرسان الداوية الألمان (لمعرفة انطباع الأتراك عن المستوطنين الألمان واليهود وعملهم، انظر بركت زاده إسماعيل حقى: باد ماضى، إستانبول سنة ١٣٣٢ هـ = ١٩١٤ م، ص ١٣٢ وما بعدها). وفي العصور العثمانية المتأخرة كانت حيفا دار القضاء في سنجق عكا بولاية بيروت.
وفي الثالث والعشرين من سبتمبر سنة ١٩١٨، احتلت القوات البريطانية حيفا، بوصف أنها كانت جزءًا من أرض فلسطين الواقعة تحت الانتداب، ومن ثم دخلت حيفا مرحلة من مراحل النمو والتطور الكبير. وبدأ عهد جديد للحياة الاقتصادية لمدينة حيفا بالفعل سنة ١٩٠٥، بافتتاح فرع من درعة إلى حيفا من سكة حديد الحجاز. وقد ساعد هذا الفرع الذي ربط حيفا بدمشق وحوران وجزيرة العرب، على قيام حافز عظيم لتطوير حيفا من حيث هي ميناء. كما وفرت لها تكاليف الشحن المنخفضة، بفضل المنحة العظيمة لسكة حديد الحجاز، ميزة مباشرة على كل من يافا وبيروت. وفي سنة ١٩١٨ , ربط خط حديدى جديد حيفا بجنوبى فلسطين ومصر، وتم تحسين الميناء سنة ١٩٢١، وجرى فيه توسع كبير سنة ١٩٣٣، ساعد على تضاعف وزن البضائع الواردة إلى ميناء حيفا أربع مرات في عشر سنوات. وكان لإتمام مد أنابيب البترول من العراق سنة ١٩٣٣، ومعمل التكرير سنة ١٩٣٩, فضل عظيم في النمو الاقتصادى للمدينة. وساعد على هذه التطورات، وساندها هجرة العرب الكبيرة إلى مدينة حيفا في الثلاثينات والأربعينات بخاصة، وهجرة أعداد كبيرة من اليهود الوافدين من أوربا