للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم فإن الفأرة كانت زوجة طحان أو يهودية مسخت؛ وبالمثل فإن عظايا معينة كانت فيما سبق جباة ضرائب إلخ (انظر الجاحظ: التربيع، ص ١٩٧ والإشارات الواردة فيه).

ومسألة مسخ الحيوان تحتفظ بأهمية خاصة، حتى في عهد الإسلام، على حين يستبين أن القرآن حل هذه المسألة لأنه يقرر مرارًا أن الله خلق الحيوانات (سورة البقرة، الآية ١٦٤؛ سورة لقمان، الآية ١٠؛ سورة الشورى آية ٢٩؛ سورة الزخرف، الآية ١٢؛ سورة الجاثية، الآية ٤)، : "وما أنزل الله من السماء. . ." سورة البقرة، الآية ١٦٤، قال تعالى "ومن كل شئ خلقنا زوجين. . ." (سورة الذاريات، الآية ٤٩).

وكلمة "دابة" (والجمع دواب) المستخدمة هنا بدلا من كلمة "حيوان"، وهي تشير بصفة خاصة إلى حيوانات الركوب والحيوانات المستأنسة، يقابلها في الآيات المقصود بها تأكيد العناية الإلهية، اللفظ "أنعام"، التي أنزل الله منها "ثمانية أزواج" (سورة الزمر، الآية ٦؛ انظر أيضًا سورة الفرقان، الآية ٤٩؛ وسورة يس، الآية ٧١)، وتستحق الإبل أن ينوه بها تنويهًا خاصًا لأن الله تعالى يقول: "والأنعام خلقها لكم" (سورة النحل، الآية ٥).

ومهما يكن من أمر، فإن المعتقدات الأولى الخاصة بالمسخ الموقوت أو الدائم لبعض البشر حيوانات، تؤكدها آيات مثل "قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه، وجعل منهم القردة والخنازير. . ." (سورة المائدة، الآية ٦٠) أو الآية: "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين" (سورة البقرة، الآية ٦٥؛ وانظر أيضا سورة الأعراف، الآية ١١٦). وكان ثمة مسألتان واجهتا المفسرين: أولاهما معرفة الأحداث التي ذكرتها الآيات المشار إليها فيما سبق، والثانية تقصى المصير المدخر لهذه المخلوقات التي مسخت. وغنى عن القول أن الإجابات على المسألة الأولى متعددة، فالكسائي في (قصص الأنبياء , ص ٢٧٤) مثلا، رأى أن القردة ناس من بنى إسرائيل تعرضوا للمسخ في عهد داود لأنهم