صادوا سمكًا وطهوه يوم السبت، وأن الخنازير (المرجع السابق، ص ٣٠٧) أناس معاصرون لعيسى لم يؤمنوا به. ويرى الكسائي نفسه، منتهجًا بذلك نهج كتاب آخرين، أن الحيوانات التي أسفر عنها المسخ المذكور، تكاثرت، بينما يرى آخرون عكس ذلك، ويقولون إنها ماتت دون أن تعقب، أي أن الله خلق، أنواع الحيوانات موضوع البحث خلقًا مستقلا عن خلق الأخرى (انظر الجاحظ: كتاب الحيوان، جـ ٤، ص ٦٨). والاعتقاد في خلق حيوانات بعينها بالمسخ أو التعديل لا يزال متداولا (انظر، مثلا، - H. Mas Croyances et coutumes Persanes: se باريس سنة ١٩٣٨، جـ ١، ص ١٨٥ وما بعدها)، والمسخ مرتبط ارتباطًا وثيقا بمسألة التقمص، على الأقل، عند الفرق التي لا تتمسك بمذاهب السلف وعلماء الكلام الذين يسلمون بتقمص الأرواح في أجساد الحيوانات. ولابد من أن نذكر، في سياق الحديث، أن البهيمة مرتبطة، في فلسفة الأخرويات لدى المسلمين، باليوم الآخر، وأن آية قرآنية (سورة الأنعام، آية ٣٨) تقول: "وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون" تسمح للمفسرين بأن يروا أن الحيوانات أيضًا تبعث وتحشر يوم القيامة. وعلاوة على ذلك فإن القرآن الذي يذكر نحو اثنى عشر نوعًا مختلفًا منها يحتوى على خمس سور مسماة بأسماء حيوانات: البقرة والنحل، والنمل، والعنكبوت، والفيل -وبهذا فإن أكبر المخلوقات وأصغرها مذكورة فيه.
٤ - الحيوان في الشريعة الإسلامية: يهتم الإسلام بالحيوانات في مسائل عديدة أخرى تتصل بها، ولا يكاد يكون هناك باب في الشريعة الإسلامية لا يتناولها بالحديث، فالحيوانات الأليفة تخضع للزكاة، وبيع الحيوانات مقيد بقيود، فيما يرتبط بجواز أكل لحمها شرعًا (فمثلا بيع، الخنازير محرم، ولكن بيع ديدان العلق مباح، وإن كان أكلها محرمًا؛ وعن مسألة مقايضتها بحيوانات أخرى: (انظر Origins J. Schacht، ص ١٠٨) أو إبرام عقد لتسليمها مع الدفع سلفًا