للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الصوفية" يغيب فيها المعنى، والواقع أن الشرح يكاد لا يحمل أي معنى"، ولا يسوق أية إشارة إلى المصادر التي تتكشف للقارئ اللبيب. وكان افتقار مهرن إلى الدراية بالمذهب المشروح في آثار ابن سينا العمدة، عقبة لا يمكنه هو نفسه التغلب عليها.

وعلى أية حال، فإن قصة حي بن يقظان، تزود القارئ الذي ألف ابن سينا، بذخيرة لأصداء موضوعات تم بحثها بالفعل إلى حد أن الترجمة الفرنسية التي نشرتها الآنسة ا. م. كواشون A.M. Goichon سنة ١٩٥٩، قد زودت بشرح متصل منقول عن هذه الكتب نفسها التي كتبت في الفلسفة والطب، ولذلك فإنها تأخذ بنصيحة الشارح الفارسي. والحق أن الشارح الفارسي اختتم شرحه بهذه الكلمات: "لا مناص من أن ندرك أن بيانا بسيطا قد أدلى به هنا عن كل مسألة من المسائل المبحوثة في هذه الرسالة. ويمكن أن نجد لهذه المسائل عرضا كاملا في الكتب العمدة. والرئيس ابن سينا قد تناولها هو نفسه. ." (متبعة ترجمة Corbin).

ومع الالتزام الدقيق قدر الإمكان بالنص العربي فإن هذه الترجمة الجديدة قد ضبطت بمقارنة جميع الأفكار الواردة في النص، عبارة عبارة بل كلمة كلمة في كثير من الأحوال، بالفقرات التي تضمنتها الكتب العمدة لابن سينا، مما خطر منها بالبال. ويتيح هذا المنهج أن يحظى معنى قصة حي ابن يقظان بتقدير كامل من حيث الحكم العام، ومن حيث التفصيلات. وقد نظر إليها حينذاك نظرة تقوم على أنها قصة شعرية تنسب من حيث القالب إلى قصيدة ابن سينا الشهيرة في النفس، وأنها قامت كذلك على مذهب فلسفي، ويبقى وراء الخيال البديعى المجلوة فيه فكر محكم غاية الإحكام.

وهذا المعنى الفلسفي أكده البحث في المصادر التي نتبينها في آثار أرسطو، وأفلاطون، وفر فريوس، وجالينوس، وبطليموس، والفارابى، وفي القرآن الكريم، وفي الأساطير الشعبية السامية والإيرانية، وعند الجغرافيين العرب. ولكن فصولا بعينها يظهر فيها بخاصة أثر ابن سينا، وبالتحديد أكثر