فرنسا طوال القرن الثامن عشر. لكن العلاقة التقليدية الطيبة التي كانت قائمة بين فرنسا وتركيا حالت دون تنفيذ هذه النية، وأخيرا وافقت حكومة "الإدارة الفرنسية" Directoire في ٥ مارس سنة ١٧٩٨ على إرسال هذه الحملة بإيعاز من نابليون بونابرت ومعاضدة تاليران Talleyrand.
وتدل الإجراءات الفعالة غير المألوفة التي اتخذها الباب العالى في عام ١٧٨٨ ضد على بك على أن تركيا نفسها كانت تتوجس خيفة من هذه الحوادث المقبلة. أما في مصر نفسها فلم يكن ثمة ما يدل على أن البلاد تخشى أن تغزوها دولة أوربية. وفي اليوم الثاني من شهر يولية سنة ١٧٩٨ ألقى الأسطول الفرنسى مرساه على الشواطيء المصرية دون عناء، وكان هذا الأسطول مؤلفًا من نحو ٤٠٠ سفينة، ويُقل قوة برية يبلغ عددها ٣٥.٠٠٠ رجل بقيادة بونابرت نفسه. ثم زحف الفرنسيون من فورهم على القاهرة ونظم إبراهيم بك ومراد بك زعيما المماليك قواتهما بالقرب من إمبابة على نهر النيل لصد الفرنسيين، ولكن سرعان ما بدد هؤلاء شملها في واقعة الأهرام، وأعقب ذلك احتلال مدينة القاهرة قصبة الديار المصرية في الرابع والعشرين من شهر يولية. وفر مراد بك إلى الصعيد كما فر إبراهيم بك إلى الوجه البحرى؛ وسكن الذعر الذي انتشر في العاصمة بعد قليل من الوقت، لكن بونابرت ما لبث أن اضطر إلى اتخاذ إجراءات شديدة حاسمة شرقية في صبغتها لإخماد ثورات الأهلين. ولم يمض على نزول الفرنسيين إلا شهر واحد حتى دمر الأسطول الفرنسى في خليج أبي قير على يد نلسون في أول يوم من أغسطس، وبذلك تبدلت صبغة الحملة الفرنسية عما كانت عليه في مبدأ الأمر. وكان هذا العمل أول الضربات التي كالتها إنكلترة لهذه الحملة والتي انتهت بإنسحابها من مصر نهائيا. ثم أعلن الباب العالى على كره منه الحرب على فرنسا في سبتمبر من تلك السنة. ولكن الجنود التركية لم تصل إلى مصر إلا في منتصف العام التالى (١٧٩٩). وكان الفرنسيون في هذه الأثناء قد أنشئوا في مصر إدارة