منظمة، أما المصريون أنفسهم فكان موقفهم من الفرنسيين موقف الساخر منهم، المستهزئ بأعمالهم، ولم يغن عن الفرنسيين ما أظهروه من احترام لشعائر البلاد الدينية وما قام به العلماء الذين جاءوا مع الحملة العسكرية من بحوث علمية. ولم يلبثوا إلا قليلا حتى خاب ظنهم في الفرنسيين، إذ رأوا أنهم هم أيضا يطالبون بأداء الضرائب العقارية. وغضبت أكثرية أهل البلاد المسلمون حين رأوا الفرنسيين الأجانب يستعينون بالمسيحيين من المصريين (الأقباط والأروام والسوريين) في المناصب الحكومية الصغرى، فشبت في القاهرة في الحادى عشر من شهر أكتوبر سنة ١٧٩٨ ثورة على جانب من الخطر لم تسكن إلا بعد أن أطلقت القنابل على الجامع الأزهر في اليوم التالى. وأراد بونابرت أن يحول دون مقدم الجيش التركى لنجدة مصر فسير حملته الشهيرة على الشام في فبراير من عام ١٧٩٩ , فلما عجز عن الاستيلاء علي عكا وكان يدافع عنها الجزار باشا اضطر إلى الارتداد عنها في مايو من تلك السنة. وبعد شهرين من عودته إلى مصر نزل أول فوج من الجنود التركية في أبي قير (١٤ يوليه سنة ١٧٩٩) تقلهم سفن إنكليزية، وكان من بينهم محمد على برتبة ضابط في الفرقة الألبانية. لكن بونابرت هزمهم شر هزيمة وأخرجهم من آخر ملجأ اعتصموا به وهو قلعة أبي قير في اليوم الثاني من شهر أغسطس. وبقى الفرنسيون في مصر عامين آخرين بعد أن غادرها بونابرت في الثاني والعشرين من أغسطس. وكانوا في خلالها تحت قيادة كليبر (وقد اغتيل في يونية من عام ١٨٠٠) ثم مينو. وقضى الإنكليز والترك على ما كان باقيا لديهم من قدرة على المقاومة في عام ١٨٠١، فاضطروا في تلك السنة إلى مغادرة البلاد. وإذا غضضنا النظر عن النتائج السياسية المباشرة للحملة الفرنسية، وهي القضاء على قوة المماليك، وعودة مصر إلى سلطان تركيا، رأينا أن النتائج العلمية التي أسفرت عنها هذه الحملة والتي نشرت في المجلدات الثمانية من كتاب وصف مصر Descsription de L'Egypte (انظر المصادر الواردة في آخر هذه المادة)