للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختصاص الإدارة المركزية. وكانت هذه المجالس تقوم بهذا الواجب بإشراف مهندسى الحكومة، ولكن الفساد أخذ من ذلك الوقت يدب في شئون توزيع المياه على يد ولاة الأمور في الأقاليم. ولم تنصلح هذه الحال إلا بعد عام ١٨٨٢ حين عهد بهذا الإشراف إلى موظفين من الإنكليز. وقد أصبحت العناية بأعمال الرى من أهم القواعد التي تقوم عليها الإدارة الإنكليزية في مصر. مثال ذلك أن هذه الأعمال خصص لها من قرض عام ١٨٨٤ مبلغ مليون جنيه، في حين أن المصروفات الأخرى أنقصت كلها لقلة المال. وكان لهذه السياسة ثمرتها المرجوة. وقد أتم المهندسون الإنكليز أيضًا تشييد قناطر محمد على قرب الجيزة (١) -التي بدأ العمل فيها المهندسون الفرنسيون في زمن محمد على. ثم أنشئ بعد ذلك سد أسوان الشهير (الذي تم بناؤه في عام ١٩٠٢، وعُلِّىَ في عام ١٩١٢ (٢) الذي لم يقتصر نفعه على رى الأراضي المنزرعة فحسب بل إنه جعل في الإمكان خزن الماء الذي يكفي إلى حد ما لإرواء الأراضي الواقعة إلى شماله. ويصدق هذا القول نفسه إلى حد أكثر مما سبق على مشروعى السدين العظيمين اللذين بدئ بإنشائهما بعد الحرب العالمية (١٩١٤ - ١٩١٨) أحدهما على النيل الأزرق والثاني على النيل الأبيض جنوبى الخرطوم (وقد افتتح أولهما في عام ١٩٢٦) (٣) وقد أصبحت سيطرة إنكلترة على مياه النيل وسيلة من أقوى وسائل الإرغام في نزاعها مع الوطنيين المصريين في أثناء الاضطرابات التي تلت الحرب الأوربية. وقد عادت السيطرة على شئون الرى في مصر نفسها في الوقت الحاضر إلى أيدى الموظفين المصريين. وإذا استثنينا الطرق المتخذة في مصر لوقاية الجسور والسدود رأينا الفلاحين أنفسهم لا يزالون في معظم الأحوال يستخدمون


(١) يقصد القناطر الخيرية.
(٢) بدأت أعمال التعلية الثانية لهذا السد في عام ١٩٢٩ وتمت في ١٩٣٣. ثم أنشئ السد العالى بعد ثورة ١٩٥٢ وتم البدء فيه في يناير ١٩٦٠.
(٣) وقد وضع الحجر الأساسى في بناء السد الثاني، سد جبل الأولياء في ٣٠ نوفمبر ١٩٣٣ وتم البناء في أغسطس سنه ١٩٣٦ وبدئ بملئه في شهر يوليه سنة ١٩٣٧.