وسائل الرى البدائية كالسواقى والشواديف، ورأينا أن الآلات الحديثة لا تستخدم إلا في الضياع الكبرى.
ولم تقتصر أعمال محمد علي على العناية بوسائل الرى بل إن النظام الذي وضعه للإشراف على الأراضي قد زاد مساحة المزروع منها زيادة كبيرة (انظر القسم ٢ من هذا المقال) يضاف إلى هذا أن نظام الاحتكار الذي وضعه قد مكنه من توجيه التطور الزراعى الوجهة التي يريدها. فقد استطاع به أن يركز الإنتاج كله في يده، وأن يتصرف فيه كما يشاء ولم يكن الفلاحون في عهده إلا عمالًا يرغمون على بيع محصولهم إلى الحكومة بأثمان محددة، ويؤدون ما تفرضه عليهم من الضرائب عينا. وهذا النظام قد حرمهم هو ونظام السخرة والتجنيد الإجبارى من القدرة على الابتكار؛ ولكنه على الرغم من ذلك مكّن الوالى من أن يرغم الأهالى على أن ينتجوا مقادير كبيرة من المحصولات الزراعية فيزيد بذلك ما يتبقى من المحصول لتصديره إلى الخارج. وكان القمح في جميع العصور أهم المحصولات الزراعية المصرية. ثم أدخل محمد على زراعة القطن في مصر عام ١٨٢١ واضطر وقتئذ إلى الاستعانة بالقوة للتغلب على مقاومة الفلاحين السلبية. وكان أول ما زرع منه نوع برى ينبت طبيعيا في البلاد، ويعرف بالماكو، ثم جئ ببذور قطن سى أيلند Sea Island في عام ١٨٢٨ وما لبثت زراعة القطن أن انتشرت انتشارا واسعا في طوال البلاد وعرضها، وأخذت مساحة الأراضي المنزرعة قطنا تزداد بنسبة أكبر من ازدياد مساحة أراضي القمح. وكان الفرق بين المحصولين أن الجزء الأكبر من محصول القطن يصدر إلى الخارج في حين أن الحبوب -وهي القمح والشعير والذرة والأرز (في الوجه البحرى) - كانت تستهلك في داخل البلاد. وظل هذا التطور الزراعى يسير في مجراه بعد إلغاء نظام الاحتكار، ولما احتل الإنكليز البلاد -وكانوا قد أصبحوا قبل ذلك الاحتلال بزمن طويل أكبر المشترين للقطن المصرى- توسعوا في زراعته توسعا أكثر من هذا التوسع الذي وصفناه. فتضاعفت بين عامي ١٨٨٣ , ١٩٠٨