بذلك طرق الملاحة المائية الداخلية. أما قناة السويس فلم يكد يكون لها شأن في التجارة المصرية ولكن لها أهميتها في التجارة الدولية، والعمال المصريون هم الذين قاموا بحفرها (١٨٥٩ - ١٨٦٩) وقدم الوالى سعيد باشا نصف رأس مال الشركة التي احتفرتها، فأوجد بذلك لأسرته على الأقل مصدرا كان يمكن أن يعود عليها بربح كبير في المستقبل. فلما اضطر إسماعيل إلى بيع أسهمه للحكومة الإنكليزية في عام ١٨٧٦, لم تعد مصر تجنى شيئًا من أرباح القناة الطائلة.
ولما كانت القناة ستعود إلى مصر بعد عام ١٩٦٨ (*) فإن المصريين رفضوا في عام ١٩١٠ أن يمدوا أجل امتيازها بعد تلك السنة. وقد فرضت القناة فضلا عن ذلك التزامات دولية أخرى على مصر، فقد أعلنت المعاهدة الخاصة بقناة السويس والمبرمة في ٢٩ أكتوبر سنة ١٨٨٨ (والتى صادقت عليها إنكلترة في عام ١٩٠٤) حرية الملاحة فيها في أوقات السلم والحرب لجميع السفن على اختلاف أنواعها، وناطت بتنفيذ هذا الاتفاق ممثلى الدول الموقعة على هذه المعاهدة في القاهرة.
ولكن إنكلترة بوصفها الدولة المحتلة لمصر اتخذت في جميع الأحوال الإجراءات اللازمة للدفاع عنها وبخاصة في أيام الحرب العالمية الأولى حين أخذت قوة تركية ألمانية تهدد بالزحف على القناة من الضفة الشرقية. وظل أمر الدفاع عن القناة من أسباب النزاع بين إنكلترة ومصر بعد أن أعلن استقلال البلاد. أما النقل البرى فكان وسائله كلها السكك الحديدية، لأن قنوات الرى لا تجعل الحاجة ماسة إلى الطرق البرية الأخرى. وبدأ مد السكك الحديدية في أيام عباس باشا الأول عام ١٨٥٢. وفي أيام إسماعيل مدت معظم الخطوط الحديدية التي في الوجه البحرى، ومد في الوجه القبلى الخط الواصل من القاهرة إلى أسيوط، ولم يمد هذا الخط الأخير إلى أسوان إلا في عهد الاحتلال. ولم يكن هناك اتصال بالسكك الحديدية بين أسوان وحلفا حيث تبدأ الخطوط الحديدية السودانية الواسعة. ومد في أثناء الحرب خط