حديدى إلى القنطرة (١) على شاطئ القناة يتصل بالخط الجديد الآخر الممتد من حيفا. وقد ظلت السكك الحديدية المصرية حتى عام ١٩٠٤ تحت إشراف إدارة دولية خاصة، وذلك بسبب الصعاب المالية التي نشأت في مصر. ويدير مصلحة السكك الحديدية منذ عهد إسماعيل موظفون ومهندسون من المصريين.
ونقول أخيرا إنه إذا كان ثمة شئ يدل بوضوح على الاتجاه الجديد لمركز مصر الاقتصادى -ومن ثم لمركزها الثقافي- فهو تجارتها الخارجية. فقد كان كل ما ظل باقيًا لمصر من علاقات تجارية في أوائل القرن التاسع عشر هو بقايا التجارة العظيمة العابرة من الحاصلات الهندية التي كانت رائجة أيما رواج في العصور الوسطى والتى كانت مقصورة في هذا العهد القريب على غلات السودان وجنوب بلاد العرب. فلما أنشأ محمد على نظام التجارة الحكومية أو نظام الاحتكار التجارى عادت مصر لأول مرة منذ تاريخها القديم تنتج للتصدير. على أن هذا النظام أغضب المسلمين لأن الوالى لم يكن يعاملهم كما يعامل التجار الأجانب، كما أغضب أيضًا هؤلاء التجار أنفسهم. وبلغ هذا الاستياء حدًا حمل إنكلترة على أن تعقد مع تركيا معاهدة تجارية موجهة ضد سياسة محمد على التجارية. وكان الصادر من الحبوب في أيام سعيد باشا لا يزال أكثر من القطن، ثم أصبح للقطن المكان الأول في عهد خلفه. وكانت الحرب الأهلية الأمريكية هي العامل الأكبر في زيادة الصادر من القطن زيادة كبيرة، وقد أصبحت إنكلترة منذ منتصف القرن الماضى تشترى الجزء الأكبر من القطن المصرى المصدر إلى الخارج، فكانت من أجل ذلك البلد الذي يهمه أكثر من غيره الاحتفاظ بزراعته. وأصبحت مصر بعد ما طرأ على أحوالها الزراعية من تطورات بعد عام ١٨٨٢ أهم البلاد المنتجة للقطن في العالم بعد أمريكا والهند. وفي وسع من يشاء أن يطلع على أرقام الصادرات في الكتب والنشرات الخاصة بهذا الموضوع. وتعتمد الإحصاءات الواردة
(١) يقصد الخط الممتد في شبه جزيرة سيناء من القنطرة.