منهم فرقًا في جيشه كان كرههم للخدمة العسكرية يدفعهم في كثير من الأحيان إلى أن يحاولوا الفرار منها بتشويه أجسامهم. ومع هذا فإن الفلاحين قد برهنوا على أنهم جنود صالحون إذا تولى قيادتهم ضباط قادرون كما حدث في حروب السودان في عام ١٨٩٧.
وكان السكان الطاعنون في أجزاء من مصر لا يزالون في أثناء القرن التاسع عشر يعدون أنفسهم من سلالات القبائل العربية. وليس لأفقر الطبقات من الزراع أملاك مطلقًا، وأفراد هذه الطبقة يعملون أجراء في الضياع الكبرى. وتلى هذه الطبقة طبقة صغار الملاك (وهم الذين يملك الواحد منهم أقل من ٥٠ فدانا) وأرقى هذه الطبقات كلها طبقة مشايخ القرى وهم الذين يسميهم لورد كرومر (طبقة السادة الملاك Squirearchy) .
ولقد كان عهد الخديويين من أهم العهود بالنسبة للعنصر المصرى الأصيل، فقد استطاع هذا العنصر في ذلك العهد أن يكون له نصيب موفور في حياة البلاد العامة وفي إدارتها. لقد كان علماء الأزهر في القرون السابقة لحكم محمد على يخرجون من هذه الطبقة وحدها إلا فيما ندر. ومنذ زمن محمد على -الذي لم يكن يسمح لغير "الأتراك" بأن يتولوا المناصب الكبرى- أخذت طبقة وسطى تظهر في البلاد. وكان سعيد الذي اشتهر بأنه صديق الفلاح -يشجع هذه الطبقة على الوصول إلى المناصب الكبيرة في الجيش وفي الإدارة المدنية، وبهذه الطريقة نشأ في عصر إسماعيل ما يمكن أن نسميه بالرأى العام (وكان في الغالب معاديًا للأتراك- (انظر القسم رقم ١ من هذا المقال) ومن أبرز الممثلين لهذه الطبقة المصرية الأصيلة المتعلمة على باشا مبارك والعالم الرياضى محمود باشا الفلكى. ومن التغييرات التي حدثت لاسترضاء هذا العنصر المصرى الأصيل استبدال اللغة العربية باللغة التركية في دواوين الحكومة في عهد سعيد باشا. على أن العامل الأكبر في وجود هذه البداية الأولية للنزعة القومية هو تأثير الأوربيين وقتئذ. ولم تكن هذه النزعة متأصلة في وعى الجماهير من المصريين، ويلوح أن