أنفسهم، وكانت لغة التعليم فيها هي اللغة العربية. وكانت الحكومة تلجأ أحيانا إلى إجراءات صارمة لإرغام الأهالى على إرسال أبنائهم إليها. ويقول "دور" Dor إن عباس باشا أغلق هذه المدارس كلها، إلا أن عمله هذا لم يكن ناشئًا عن نزعة رجعية بل كان يرمى إلى إعادة تنظيمها وفتحها. وفتحت مدرسة الطب من جديد في أيام سعيد باشا بإشراف كلوت بك، وأنشئت في عهد إسماعيل مدارس عليا ومؤسسات علمية جديدة كان معظمها في القاهرة (ومن أشهرها كلها دار العلوم) وكان زعيم هذه النهضة العلمية على باشا مبارك ناظر المعارف العمومية في ذلك الوقت، وهو واضع قانون ٨ نوفمبر سنة ١٨٦٧ الذي سبق الكلام عليه، والذي قسم المدارس إلى ابتدائية تجهيزية وعليا. وكان الأساس الذي بنى عليه عمله هو توحيد نظام التعليم العام في مصر. ومع أن هذا النشاط التعليمى قد أفاد في نشر المعارف الفنية في البلاد فإن إدخال العلوم الغربية فيها لم يؤثر إلا في أقلية ضئيلة من أهلها، يضاف إلى هذا أن طرائق التعليم لم تكن تشجع على نمو الشخصيات الفردية الحرة، وأن قلة المال -التي أدت إلى إغلاق كثير من المدارس في آخر عهد إسماعيل- كانت سببًا في ضآلة مرتبات المدرسين، فكان من أثر هذا كله أن اتسعت الهوة التي تفصل جمهرة السكان الأميين عن الطبقات المتعلمة التركية المصرية، والمصرية الخالصة. ويمكن أن يعد هذا العامل سببًا من أسباب فشل الحركة القومية الأولى. وكانت الجهود التي بذلت لنشر التعليم في أوائل عهد الاحتلال جهودا ضئيلة (وانظر أيضًا ملاحظات فولرز الانتقادية في - His torische Zeitschirft . ١٩٠٩، ٧٩ وما بعدها) وافتتحت مدرستان لتعليم البنات في عام ١٨٧٥, ولكن النهضة الحقيقية في تعليم البنات لم تبدأ إلا في أواخر القرن الماضى.
وأنشئت الجامعة المصرية بالقاهرة في عام ١٩٠٨ من تبرعات كبيرة وهبات، وبدأت حياتها برياسة الأمير أحمد فؤاد باشا الذي أصبح ملك مصر فيما بعد. ولم يكن يلقى فيها في بداية