عهدها إلا محاضرات في موضوعات أدبية وتاريخية من أساتذة مصريين وأوربيين ومن بعض المستشرقين الأوربيين كانوا يدعون خاصة لهذا الغرض (وقد طبعت هذه المحاضرات في القاهرة) وأرسلت هذه الجامعة في السنين الأولى من حياتها جماعات من الشبان المصريين إلى الجامعات الأوربية المختلفة لإعدادهم لأن يكونوا أساتذة فيها بعد عودتهم. ومنذ عام ١٩٢٤ وضعت الجامعة تحت إشراف الحكومة، ثم وضعت عدة مشروعات لدعم نظامها وزيادة نشاطها (انظر مجلة Oriente Moderno السنة الخامسة العدد ١١٠، ص ٤٣٤) ولا جدال في أنها حققت ما كان يعلق عليها من آمال في تشجيع البحث العلمى، ولكن هذه البحوث العلمية قلما عارضت الروح الإسلامية السائدة معارضة جدية.
ويوجد في مصر فضلا عن المؤسسات العلمية السالفة الذكر عدد كبير من المدارس الأجنبية من بينها مدارس تابعة لإرساليات التبشير، ومنها إرسالية التبشير الأمريكية في القاهرة والإسكندرية؛ وقد أنشأت أول مدرسة لها في القاهرة في عام ١٨٥٥, وكانت الحكومة المصرية في بعض الأحيان تعين هذه المدارس بالمال (كما حدث في عهد سعيد باشا) وكان لها من الأثر في الحياة العقلية للطبقات العليا في مصر ما لا يقل عن أثر المدارس المصرية.
وكان إدخال الطباعة في مصر وثيق الاتصال بنظام التعليم الذي وضعه محمد على، ذلك أن المطبعة التي جاء بها الفرنسيون لأغراضهم الخاصة لم يكن لها أثر في البلاد، فلما أسست أول دار للطباعة في بولاق حوالي عام ١٨٢١ بدأت أعمالها بطبع الكتب العربية والتركية لتسد بها حاجة المدارس الحكومية الجديدة. ثم بدأت في هذه الفترة عينها نشاطها العظيم في طبع الكتب الأدبية القديمة العربية والتركية وقليل من الكتب الفارسية. وربما كان من أوائل الكتب التي قامت بطبعها كتاب الأجرومية (طبع في عام ١٢٣٠ هـ الموافق ١٨٢٤ م. انظر Zenker Bibliotheca Orientalis جـ ١، المطبوع في ليبسك عام ١٨٤٦, ص ١٩) الذي كان يدرس في الأزهر (انظر