للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سدانة الكعبة فتزوج فُهَيْرَة بنت عامر ابن عمرو بن الحارث بن مضاض وكان أبوها آخر حكام مكة، فأصبح ربيعة بذلك أغنى أهل القرية جميعًا. ويؤخذ من هذه الرواية الأخيرة أن الراجح أن القبيلتين قد عاشتا معا في مكة زمانا، وأن انتقاض خزاعة كان أقل عنفًا مما يفهم بصفة عامة من الرواية الأولى. وليس ثمة شك في أنه قد حدث في هذا الموضع نفس التطور الذي يحدث دائمًا وهو أن القبائل خارج القرية يصبحون هم السادة الغالبين بضغطهم المتواصل على أهلها وهم أودع جانبا وأبسط رزقا، ثم يتعرضون للمصير نفسه في أجيال مقبلة. وينسب إلى ربيعة أنه هو الذي أحيا مواسم الحج، ذلك أنه كان بصفة خاصة يعنى بشئون الكثيرين الذين كانوا يفدون إلى الكعبة، بيد أنه ينسب إليه كذلك أنه أول من وضع الأصنام حول الكعبة وبخاصة لأنه استحضر صنم هبل من هيت بأرض الجزيرة. وقد ظل مع غيره من الأصنام إلى أن جاء النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، وظل ربيعة وبنوه سدنة الكعبة أمدًا طويلا (ويذكر مؤرخو العرب أنهم ظلوا ٣٠٠ أو ٥٠٠ عام - ولابد أن تكون هذه الأرقام مبالغًا فيها كثيرا). وكان آخر حكامهم هليل ابن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو، وهو الذي زوج ابنته حُيىّ من قصَىّ أمير العشيرة الصغيرة قريش، وهي بطن من قبيلة كنانة، حتى إذا شاخ هليل سنَّ سنة إعطاء ابنته أو زوجها مفاتيح الكعبة ليقوم بالشعائر التي ينماز بها سادن البيت الحرام فلما مات هليل ترك السدانة لابنته وزوجها وأراد قصىّ أن يتخذ هذا الحق لنفسه فلقى معارضة شديدة من جميع بنى خزاعة الذين اغتصبوا مفاتيح الكعبة من حيى. وكان لقصى كثير من الأنصار في كنانة، وكانوا يعيشون بجوار الأرض المقدسة وفي قضاعة، فاتفق مع أنصاره عند نهاية موسم الحج والفراغ من مناسكه على أن يعلنوها حربا سافرة على خزاعة، وانتهى الأمر بقتال شديد هلك فيه كثيرون، واتفق الفريقان حسمًا للنزاع على أن يحتكما إلى يَعْمَر بن عوف الكلابى، ودعى الفريقان إلى الاجتماع عند أبواب الكعبة فلما استوثق يعمر أن قتلى خزاعة أكثر من قتلى أنصار