قصي، حكم لصالح قصى، فتولى سدانة البيت ومعها حكم مكة، في حين سمح لخزاعة أن تعيش مَع قريش بجوار البيت، وبذلك كانت نهاية حكم خزاعة بداية لحكم قريش وهناك رواية أقل من هذه احتفالا بالبطولة، وهي تخبرنا بأن قصيّا ابتاع سدانة البيت من أبي غبْشان آخر الحكام من قبيلة خزاعة، وهي نفس الرواية التي أوردها ابن الكلبى في مصنفه "كتاب المثالب" ونحن نجد عند ظهور الإسلام أسماء عدد من الرجال ينتسبون إلى قبيلة خزاعة. وتم فتح مصر وبلاد المغرب في الحقيقة على يد جند من بلاد العرب الغربية؛ ومن ثم فليس بعجيب أن نجد نفرًا من خزاعة يصيبون النفوذ في هذه البلاد المفتوحة حديثًا وبخاصة في الأندلس.
أما أن أنساب هذه القبيلة يشيع فيها كثير من الاضطراب فأمر يتضح من أن بنى خزاعة لم يكونوا ينسبون إلى قبائل الجنوب مطلقًا. ومن ثم فإن القاضى عياضا -مثلا- يروى نسبهم: خزاعة بن لحى بن قمعة بن إلياس ابن مضر. وهو النسب الذي يحاول السهيلى تفسيره في شرحه للسيرة بقوله إن حارثه بن ثعلبة تزوج أرملة أبيه قمعة، وهي التي كانت في الوقت نفسه أم لحىّ، وفي كلتا الحالتين يصبح النسب صحيحًا بانتهائه إلى قبائل الشمال أو الجنوب. وثمة خلاف كبير فيما يتصل ببطون خزاعة، فبعض النسَّابة يذكرون بطون كعب ومُلَيْح وسعد وسلول في حين لا يعرف غيرهم إلا عديا وعوفا وسعدا.
والأسماء الكثيرة المتعددة للرجال الذين ينتسبون إلى هذه القبيلة تجعلنا نعتقد أنهم كانوا أوفر عددًا مما نستخلص من الأسماء القليلة نسبيًا للرجال الذين ذكروا بين صحابة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] ولعل مرد ذلك إلى أن قريشا، كانوا أقوى شكيمة، قد أجلوهم شيئًا فشيئا إلى الربوع المجاورة خارج مكة نفسها عند ظهور الإسلام.
المصادر:
(١) الأزرقى: أخبار مكة (Chroniken der Stadt Mekka) جـ ١ ص ٥٥ - ٦٤.
(٢) ابن دريد: كتاب الاشتقاق، طبعة فستنفلد ص ٢٧٦ - ٢٨١.