للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويرد في الحديث كثير من خصائص الخطبة التي اشترطها علماء الفقه. وكانت خطبة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] تبدأ عادة بقوله "أما بعد" (البخاري: كتاب الجمعة، باب ٢٩). وتقترن "الحمدلة" (مسلم: كتاب الجمعة، حديث ٤٤, ٤٥) بالشهادة (أحمد بن حنبل جـ ٢، ص ٣٠٢ , ٣٤٣: "الخطبة التي ليس فيها شهادة كاليد الجذماء") وروى في كثير من الأحاديث أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] اعتاد أن يقرأ آيات من القرآن (مثال ذلك: مسلم، كتاب الجمعة، حديث ٤٩ - ٥٢؛ أحمد بن حنبل جـ ٥، ص ٨٦ وما بعدها، ص ٨٨ وما بعدها، ٩٣ الخ .. ) ويشترط في الخطبة أن تكون قصيرة متفقة مع قول النبي [- صلى الله عليه وسلم -]: "أطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة" (مسلم: كتاب الجمعة. حديث ٤٧) كما يشترط فيها أن تكون كالصلاة قصدًا (١) (مسلم: كتاب الجمعة، حديث ٤١) والإنصات في الجمعة واجب "وإذا قال [أحدهم] لصاحبه أنصت فقد لغا" (البخاري: كتاب الجمعة، باب ٣٦). ووقوف الإِمام في الخطبتين وقعوده بينهما سنة عن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] (البخاري: كتاب الجمعة، باب ٢٧؛ مسلم: كتاب الجمعة، حديث ٣٣ - ٣٥؛ أحمد بن حنبل جـ ٢، ص ٣٥, ٩١, ٩٨). وكان النبي [- صلى الله عليه وسلم -] يجلس على المنبر أثناء الأذان، ثم تقام الصلاة عند نزوله عنه (وذلك لكي يخطب قائما) وقد سار على هذه السنة أبو بكر وعمر (أحمد بن حنبل، جـ ٣، ص ٤٤٩ أسفل الصحيفة).

ولم يرد لفظ خطبة ولا فعل خَطَبَ بمعناهما الاصطلاحى في القرآن [الكريم] بل إن الآية التي تحض على عدم ترك الجمعة من أجل البيع لم تذكر إلا الصلاة فقط (٢) (سورة الجمعة، آية ٩ - ١١) ومن الخطأ أن نستخلص من هذا الإغفال أن الخطبة لم تكن قد أصبحت جزءا أساسيا في العبادات أيام


(١) هذا ليس بشرط، بل هو الأفضل فقط.
أحمد محمَّد شاكر
(٢) هذا غير صحيح، فإن الآية (١١) من سورة الجمعة: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} إنما نزلت في شأن خطبة الجمعة حين قدمت تجارة إلى المدينة والنبي [- صلى الله عليه وسلم -] يخطب فخرج أناس كثيرون من المسجد. كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما. انظر تفسير ابن كثير (ج ٨ ص ٣٦٠ طبعة المنار) وفتح الباري (ج ٢ ص ٣٥٢ - ٣٥٤ طبعة بولاق.
أحمد محمَّد شاكر