للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البدعة والاستماع إلى الخطبة من قعود، يمكن أن ينظر إليهما على إنهما محاولة للعودة إلى مراسم القضاء في الجاهلية المتصلة بالمنبر والخطبة (١).

ويجب أن يلاحظ في دعاء المؤمنين أن العادة جرت بأن يذكر السلطان فيه قبل صلاة الجمعة. وتاريخ الإِسلام زاخر بالشواهد الدالة على الأهمية التي أسبغت على هذه العادة، وبخاصة أيام الفتن السياسية، فإن الاسم الذي يذكر في هذا الدعاء يكشف عن رأى الإِمام السياسى أو مكانته. وإذا كانت الشريعة لم تفرض على الخطيب أن يذكر اسم الإِمام، فإن إغفال الخطيب اسمه يعرضه لمظنة السوء عنده. أما في البلاد التي يعيش المسلمون فيها تحت إمرة غير المسلمين، فإن الدعاء بتوفيق السلطان غير المسلم في الدنيا، يعرض الخطيب لمظنة السوء عند إخوانه المسلمين (٢) (انظر Is-: Snouck Hurgronje lam and Phonograph ص ١٣ وما بعدها؛ Verspr, Geschr = جـ ٢ ص ٤٣٠ وما

بعدها، المؤلف نفسه: Mr.L.W.C Van den beoefening van het Mo-: Berg hammedaansche recht في Ind. Gids جـ ١٦ ص ٨٠٩ وما بعدها = Verspr Ges - chriten جـ ٢ ص ٢١٤ وما بعدها) وقد وردت سنة ذكر اسم السلطان في الصلاة في عصر متقدم يرجع إلى القرن الخامس ق. م في البردى الآرامى الذي عشر عليه في فيلة (٣) (ورقة ١، سطر ٢٦؛ انظر أيضا Mission: Harnack und Ausbreitung des Christentums جـ ١، ص ٢٨٦).


(١) لا أزال في عجيب من محاولة كاتب المادة إرجاع ما يتعلق بالخطبة إلى مراسم القضاه في الجاهلية، دون أن يأتي بدليل أو شبه دليل! ويكفي في هذا العجب أن يجعل الاستماع إلى الخطبة من قعود مؤيدا لما يقول! أفكان الناس في أمة من الأمم مطلقا يسمعون الخطباء واقفين وانفرد العرب بسماعها وهم جلوس؟
أحمد محمَّد شاكر
(٢) أما الدعاء في الخطبة باسم خليفة معين بشخصه فإنه بدعة، لا تجوز شرعًا، وإن فعلها أكثر المسلمين في أكثر البلاد من عهود قديمة. وأما الدعاء بالتوفيق للسلطان غير المسلم فإنه خروج عن الإِسلام، بل أن الإِسلام لا يعترف بصحة ولاية غير المسلم على المسلمين أصلا. وهذا كله من بديهيات الإِسلام.
(٣) هذا الشئ الذي يذكره كاتب المادة عن القرن الخامس ق. م لا علاقة له بالإسلام، ولا يكون له أثر علمى أو تاريخى في مثل هذا الموضوع الإسلامي الصرف.
أحمد محمَّد شاكر