للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفطر ويوم الأضحى بالصلاة قبل الخطبة ثم يخطب فتكون خطبته بالبعث والسرية" ونجد حديثا مشابها لذلك رواه مسلم وهو (كتاب العيدين، حديث ٩): "أن رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة، فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم، فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس، أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها، وكان يقول: تصدقوا تصدقوا تصدقوا. . . ثم ينصرف؛ فلم يزل كذلك حتى كان مروان .. ألخ، وهذا وصف بسيط جدًا للصلاة، وفيه تأييد كبير للرأى القائل بأن الصلاة ذات النظام المحدد، إنما نشأت بعد زمن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] بوقت طويل (٢). ويجب ألا ننسى أن هذا الوصف يكشف عن الميل إلى المقابلة بين صلاة النبي [- صلى الله عليه وسلم -] على بساطتها، وبين تلك الصلاة ذات الطابع الرسمي العريق التي أدخلها مروان؛ وهو لم يكتف بها بل أمر ببناء منبر على المصلى (٣)، ويشير الشاهد الآتى إلى


= الدولة والحكم، وعن هذا كان خطأ كاتب المقال فيما سيأتى من الاضطراب والتناقض ومن محاولة ادعاء أن الخطبة عند المسلمين مأخوذة من غيرهم. ولكن المعنى الصحيح إجمالا ما أشرنا إليه من قبل في هوامش هذا المقال، والأمثلة التي سيذكرها الكاتب تؤيد ما قلنا وتوضحه. بل إن بعضها -ومثله كثير في السنة الصحيحة- يدل على أن الخطبة مطلقا، سواء أكانت للجمعة أم العيدين أم غيرهما، إنما هي تعليم وتبليغ وإرشاد وتنظيم، في كل شؤون المسلمين من عبادة، ومن خلق، ومن نظم للحكم، ومن فصل القضاء في وقائع فردية، ومن تحريض على الجهاد، وتنظيم للجيوش والسرايا، وتعليم للأفراد، وإجابة سائل مستفيد، فهي تشمل كل هذا وغيره. وما ضعف المسلمون واضطرب أمرهم إلا بعد أن ترك أمراؤهم وحكامهم هذه الخطة السامية الدقيقة التي رسمها لهم رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -]، وإنما تركوها لأن أكثرهم فقدوا الشرط الأول والأساسي في الإمام (أي الخليفة) والحاكم والوالي والقاضي، وهو معرفة الدين والعلم به إلى درجة الاجتهاد، فإذا فقدوا هذه فقد فقدوا أكبر مقوم لهذه المناصب الجليلة العظيمة.
أحمد محمَّد شاكر
(٢) لعل الكاتب يقصد بعض التفصيلات التي في الصلاة مما ليس من أركانها، كعبارات التسبيح في الركوع والسجود، وما تختم به "التحيات" وطريقة ضم اليدين إلى الصدر أو إرسالهما في الوقوف ألخ. أما الأركان الأساسية للصلاة فقد نشأت وتمت في عهد النبي [- صلى الله عليه وسلم -].
مهدي علام.
(٣) كاتب المقال يظلم مروان، فالرجل لم يخترع صلاة (ذات طابع رسمي عريق! ) بل كان يصلى صلاة الوالى الصحيح، أو الإمام الأعظم، وإن أخطأ في شيء مما فعل، كتقديم الخطبتين على الصلاة في العيدين، فإنما خطؤه على نفسه. وأما بناؤه منبرًا في المصلى، فلا شئ فيه، ولا يدل على شيء مما وهم فيه كاتب المقال. فإن الأصل في صلاة العيدين أن تكون في الصحراء لا في المساجد، فإذا بنى مروان منبرا في المصلى (وهو الصحراء) فما كان ذلك بضاره شيئًا.