الأولى والثانية في المدينة قد وردتا في كتاب ابن إسحاق (طبعة فستنفلد، ص ٣٤٠) وسنورد أولاهما بعد، لأنها نموذج يقاس عليه:"إن رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] حمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال: أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم. تَعلمُن. والله ليَصْعقَن أحدكم ثم ليَدَعَنَّ غنمنه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولى فبلَّغك، وأتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك، فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئًا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقى وجهه من النار ولو بشقة من تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
ووردت خطبة الوداع في صحيح البخاري (كتاب الجمعة، باب ٢٩) كما ورد وصف لمشاعر النبي [- صلى الله عليه وسلم -] وهو يخطب في صحيح مسلم (كتاب الجمعة، حديث ٤٣) وذكر لين وصفا دقيقا لصلاة الجمعة مع ترجمة لخطبتين من الخطب التي قيلت فيها (Manners and Customs: Lane بيسلى ولندن ١٨٩٥ , ص ٩٩ وما بعدها).
وتوجد مجموعة من الخطب المنسوبة إلى علي في المكتبة الملكية (سابقا) ببرلين وبينها خطبة ليس فيها حرف "الألف".
وقد أصبح منصب الخطيب عملا منتظما ومن ثم صارت الخطبة للخطيب كالوثيقة الخطية للناسخ، يبرز أحدهما فنه بتزويق الحروف الأولى ويبرزه الآخر بالنثر المسجوع. وترتب الخطب على التقويم الهجري عادة: أربع خطب لكل شهر، وأخرى للعيدين ومولد النبي [- صلى الله عليه وسلم -] وإسرائه؛ (انظر Ahlwardt: Verzeichnis der arab Hss جـ ٣، ص ٤٣٧).
وجرى العرف بأن تكون الخطبة بالعربية، وكثيرا ما خولفت هذه القاعدة في تركيا.