الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (سورة البقرة، الآية ١٩٦). وعلى ذلك فإن ما تراءى للنبى [- صلى الله عليه وسلم -] ومعاصريه أنه إهمال يستوجب التكفير قد غدا في نظر الأجيال اللاحقة أمرًا مباحًا. والحجاج الذين يبلغون مكة قبل الحج بوقت طويل يتخلصون مما حرم عليهم "بالتمتع" فهم يخلعون ملابسهم بالإحرام عقب الانتهاء من العمرة ولكنهم يعودون فيرتدونها عند اقتراب موعد الحج. والتمتع محرم على الذين عندهم هدى للفدية (سورة البقرة، الآية ١٩٩)(١) وكانت العمرة في الأصل تحدث في شهر رجب، وتذكر بعض الروايات أن العمرة إبان الحج لم تكن معروفة في الجاهلية.
وبعد النية تبدأ التلبية التي تردد بقدر المستطاع ولا يفرغ منها إلا بعد حلق الشعر في العاشر من ذى الحجة. وقد منع الشرع المحرم من جملة أمور: النكاح والتطيب وإراقة الدم والصيد، كما حرم عليه اقتلاع النبات. ونلاحظ بهذه المناسبة أن بعض الأديان السامية يحرم النكاح في حالات أخرى غير الإحرام، ونخص بالذكر من هذه الأديان ما يقول بالتوحيد. وكان إهمال العناية بالبدن ظاهرة معروفة بين الشعوب السامية في الأحوال الدينية، وتصور لنا الروايات أن النادبات في الجاهلية كن قذرات ذوات شعر أشعث (ديوان الخنساء، طبعة شيخو، بيروت سنة ١٨٩٦ م، ص ٢٨، البيت الرابع).
ويمتنع اليهود مدة حدادهم عن الاستحمام وتقليم الأظافر. ويذكرون أن الحجاج في الجاهلية وفي عصر النبي كانوا يضمخون شعورهم بالأدهان وقت الإحرام تخفيفًا لوطأة
(١) الذي يفهم كان الآية أن التمتع يجوز ويجبر بفدية.