البابا بالنسبة للكاثوليك أجمعين، وأن سلطانه الروحى يمتد إلى إخوانه في الدين وإن كانوا لا يدينون له بالسيادة المدنية بصفته سلطان تركيا. ولدينا ما يحملنا على الاعتقاد بأن هذا الخطأ الذي شاع في أوربا المسيحية كان له أثر في آراء الناس في تركيا نفسها. ففي عهد السلطان عبد الحميد بوجه خاص (١٨٧٦ - ١٩٠٩) برز مركز السلطان، بوصفه خليفة، فقد نص في الدستور الذي صدر في بداية حكمه على "أن عظمة السلطان بصفته خليفة، هو حامى الدين الإسلامي". والظاهر أن السلطان أرسل بعوثا إلى شتى بلاد العالم الإسلامي ليحملوا الناس على تبجيل ذاته خليفة المسلمين. وصادفت جهوده في هذا السبيل استجابة لدى فريق من الناس، لأن مفكرى المسلمين، وخاصة أولئك الذين أقلق بالهم ازدياد هيمنة الدول الأوربية على شئون العالم الإسلامي، أدركوا أنه لم تبق ثمة دولة إسلامية مستقلة لها بعض الشأن في العالم المتمدين إلا تركيا على أن الطابع الذي اتسم به حكم عبد الحميد وقسوته في القضاء على كافة الحركات الحرة وكافة المجهودات التي بذلت للإصلاح الدستورى، قد حول عنه قلوب الطبقات المستنيرة من رعاياه. فلما خلع هذا السلطان عن العرش عام ١٩٠٩ انتقلت مقاليد الأمور في تركيا إلى طائفة من الناس لم يحفلوا إلا قليلًا بالروح الإِسلامية ثم إنهم فطنوا إلى استحالة التوفيق بين حكومة استبدادية تدعى أنها تستند إلى وحى إلهي وبين طرائق الحكم الدستورى الحديثة. وقد أصبحت تركيا جمهورية في نوفمبر سنة ١٩٢٢، وألغيت السلطنة، وجردت الخلافة من كل سلطة زمنية. ولكن مهام هذا الخليفة الجديد لم تكن قد اتضحت بعد حتى ألغى منصب الخلافة إلغاء تامًا في مارس سنة ١٩٢٤.
وقد اقتصر اهتمامنا فيما ذكرنا من تاريخ الخلافة على الخلافة السنية التي كان لها الشأن الأكبر في التاريخ الإسلامى. أما الخلافتان السنيتان الأخريان، وهما خلافة الأندلس وخلافة المغرب، فلم يكن لهما شأن إلا في هذين القطرين فحسب، ولم يستثيرا الولاء لهما في أي قطر آخر من أقطار العالم