{فراش الموت ميلا إلى مصالحه الموفق أخي الخليفة المعتمد، وكان على جانب عظيم من القوة والنفوذ. وكان المعتمد قد أخذ ينظر عن طيب خاطر فيما اقترحه أحمد، غير أن المفاوضات لم تتم لوفاة أحمد. ذلك أن نفوذه العظيم إنما هو الذي دفع أعداءه إلى النظر في مفاوضات الصلح على أساس تعيينه حاكما على مصر والشام. ولما توقفت هذه المفاوضات ذهب اثنان من أتباع الخليفة وهما ابن كنداج، وكان قد أقيم من قبل واليًا على دمشق، وأبو الساج، والي الجزء الشمالي من أرض الجزيرة، على رأس جيوشهما إلى الشام طلبًا لمعونة الموفق، فوعد بها، وانضم إليهما والي دمشق ونزل عن أنطاكية وحلب وحمص لابن كنداج. وعندئذ أنفذ خمارويه جيشه إلى الشام فأخمد الفتنة في دمشق ثم تقدم الجيش في سيره حتى بلغ شيزر على نهر العاصى. وقد اضطر الفريقان إلى الالتجاء إلى مشتيهما بسبب حلول الشتاء. وفي ذلك الوقت بلغ أحمد بن الموفق الشام على رأس جيش الخليفة واقتحم أحمد هو وابن كنداج معاقل الجيش المصري وألحقا به هزيمة منكرة وفر الجيش إلى دمشق، فلما طرد منها لجأ إلى الرملة، غير أن أحمد تشاحن مع قائدى الخليفة فتخليا عنه، ولم يبق معه سوى أربعة آلاف رجل. وكان خماروية في الوقت ذاته قد وصل من مصر إلى الرملة على رأس جيش كبير تبلغ عدته سبعين ألف رجل على ما يقال. وتقابل الجيشان في ١٦ شوال عام ٢٧١ (١٦ أبريل عام ٨٨٥) وحدثت بينهما وقعة الطواحين المشهورة إلى الشمال من يافا. ولم يكن خمارويه قد اشترك في قتال من قبل. لذلك لم يستطع المقاومة طويلا وفر راجعا إلى مصر ومعه الجزء الأكبر من جيشه. وعندئذ انقضت جيوش أحمد على معسكر المصريين وأخذوا في نهبه فتصدت لها كتيبة من الجنود المصريين كانت قد بقيت هناك للاستعانة بها عند الحاجة، فظن أحمد أن خمارويه عاد هو وجنده، ففر على عجل إلى دمشق، ولكن والي هذه المدينة قفل أبوابها في وجه جنده فذهبوا إلى طرسوس في جنوب آسية الصغرى. وقد وقع جزء كبير من هذا الجيش في الأسر، ونقل إلى مصر؛ وهنا أظهر خمارويه حبه