للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٦٠٧ م قد بلغا من العمر حظا يسمح لهما بمشاركة أبيهما في أعماله. ولكن ربما كان عام الفيل أسبق بكثير من التاريخ الذي يحدده له مصنفو العرب عادة.

أما أقدم حادثة في حياة الخنساء ذكرها المترجمون لها فهي خطبتها لدريد بن الصمَّة -بعد أن أسن- وهو الذي قتل عام ٩ هـ وكان صديقا حميما لأخيها معاوية، وتعاهدا أن يرثى أحدهما الآخر إذا مات قبله، والخنساء إذ ذاك صبية حدثة، ونحن نستطيع أن نستخلص من خطبتها هذه من أخيها أن أباها كان قد مات (١) ومما له دلالته أن الفتاة كان يؤذن لها في الحكم على من يخطبها في تلك العهود، فلما رأت الخنساء دريدا رفضته، بل قالت أبياتا في هجائه سخرت فيها منه ومن قبيلته، وذكرت عرضا في بيت منها أنه قد سبق لها وأن رفضت خطبة رجل آخر من بدر لا نعرف عنه غير ذلك (٢)، وزوجت بعد ذلك من رجل من قبيلتها سليم اسمه عبد العزى (ويذهب ابن قتيبة إلى أن اسمه رواحة بن عبد العزى) فأولدها أبا شجرة عبد الله الذي كان له شأن كبير في الردة التي وقعت بعد وفاة النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، ولم يعد إلي المدينة إلا في خلافة عمر. ولعل عبد العزى هذا مات مبكرًا، فتزوجت الخنساء من رجل آخر من قبيلتها هو مرداس بن أبي عامر، فأولدها ثلاثة بنين هم زيد ومعاوية وعمرو، وجاءت منه كذلك بابنتها عمرة وهي أصغر ولدها.


(١) اكتفى الكاتب بهذه الرواية واعتمد عليها في استنتاجه وأغفل رواية أخرى تشير إلى خطبتها من أبيها، ونحن نوردها للمقابلة واستكمالا للبحث، فقد ذكر صاحب الأغاني: كانت الخنساء في أوج قُوتها لما رآها دريد بن الصمة وهو شيخ كبير، تهنأ بعيرًا لها .. وقد تبذلت فأعجبته فغدا على أبيها فخطبها إليه. . . (جـ ٩، ص ١١؛ جـ ١٣ ص ١٣٦، من طبعة الساسي).
(٢) نص البيت:
أتكرهنى، هبلت على دريد ... وقد أصفحت سيد آل بدر
الأغاني الموضع السابق؛ الديوان طبعه شيخو، ص ١٢٠).