للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقتل عثمان وأدى إلى اقتتالهما؛ فبادر أكثر جند علي إلى قبول هذا الاقتراح. بيد أن فريقا واحدًا من المحاربين، معظمهم من قبيلة تميم، عارضوا بعنف تحكيم الرجال في حكم الله، وجاهروا بالاحتجاج قائلين: "لا حكم إلا لله"، ثم تركوا الجيش وانسحبوا إلى قرية حَرُوراء غير بعيد من الكوفة، وأمروا عليهم رجلًا من الجند مغمورًا، هو عبد الله بن وهب الراسبى وسمى هؤلاء الخوارج الأوائل بالحروريَّة أو المحكمة (أي الذين يقولون "لا حكم إلا بالله" انظر R. S. O. جـ ٨، ص ٨٧٩ , تعليق ١). وقد توسع في مدلول هذا اللفظ في كثير من الأحيان فأطلق على الخوارج المتأخرين أيضًا. وأخذت هذه الطائفة القليلة من الناس تتزايد وبخاصة لأن التحكيم قد انتهى إلى حكم يناقض كل المناقضة ما توقعه القراء (ولعل ذلك كان في رمضان أو شوال من عام ٣٧ هـ = فبراير أو مارس من عام ٦٥٨ م). وخرج في هذه المناسبة سرًا من الكوفة (وهي البلدة التي كان الجيش قد شخص إليها أثناء الهدنة كثيرون من أتباع علي، بينهم عدد من القراء لينضموا إلى عسكر ابن وهب، وكان قد ذهب إلى كورة جَوْخَى على الضفة اليسرى لنهر دجلة وتخير منها موضعا يشرف على مخارج الطرق من فارس ورأس الجسر، وهو موضع كانت تقوم عليه بليدة بغداد التي أصبحت فيما بعد حاضرة الخلافة. وكان عسكر العصاة على طول ترعة نهروان. وخروجهم هذا من الكوفة هو السبب في تسميتهم بالخوارج (أي الذين خرجوا) وهو أرجح من القول بأن التسمية مأخوذة من صفة عامة تسمهم بأنهم الذين خرجوا على الجماعة، وهو التفسير الذي فسر به الاسم فيما بعد في عصر جد متقدم (انظر اسم الفرقة اليهودية الفريسية التي يشتق اسمها und Ursprung: Meyer Anfange des Christentums جـ ٢، ص ٢٨٣ - ٢٨٤ من حادثة انفصال أتباعها عن أتباع يهوذا مقابيوس Judas Macchabeus في عام ١٦٣ ق. م. وهي