نسبت إلى شبيب بن يزيد الشيبانيّ (٧٦ - ٧٧ هـ = ٦٩٦ - ٦٩٧ م) ولم يكن هو البادئ بها, ولكنه كان أبرز قوادها. بدأت هذه الفتنة في نجاد دجلة بين ماردين ونصيبين، وكان هدفها فتح الكوفة وتخريبها. ونشر أتباع شبيب الفزع في العراق بأسره، وكانوا يتقدمون في فرق صغيرة من مئات الفرسان، ويلتف بهم في كثير من الأحيان زمر من الساخطين، فأوقعوا الهزيمة بجنود الحجاج مرات، ولم يقض عليهم إلا بمدد من كتائب مختارة استدعيت من الشآم. ولقى شبيب حتفه، وغرق في دجيل وهو يحاول بلوغ كرمان. وكان خلفاؤه مصدر قلق لعمال يزيد بن الوليد وهشام، ولكنهم لم يكونوا من بعد قط خطرًا داهما يهدد الدولة.
وكانت جزيرة العرب مسرحا لجهود الخوارج، ففي عهد ابن الزبير، أي بين عامى ٦٥ هـ (٦٨٤/ ٦٨٥ م) و ٧٢ هـ (٦٩١/ ٦٩٢ م) استولى قوادهم أبو طالوت ونَجْبَة بن عامر وأبو فديك، على اليمامة ثم على حضرموت ثم على اليمن ومدينة الطائف. ولم يمنعهم من الاستيلاء على مكة والمدينة إلا خوفهم من إثارة الريب في دينهم، وإنما قضى عليهم بعد تدخل الحجاج، وإن خلفوا وراءهم بذور الحركات التي قامت بعد ذلك وبخاصة في الجانب الشرقى من الجزيرة.
وقد استطاع الحجاج بقدرته أن يكسر شوكة الخوارج، فبدا أن مذهبهم قد قضى عليه القضاء المبرم. وثمة عامل آخر شارك كثيرا في القضاء على هذا المذهب ألا وهو تعصب الثوار وعدم تسامحهم، فقد انتهت خلافاتهم الدينية بتصدع كيانهم، وكانت هذه الخلافات تفضى في بعض الأحيان إلى إقصاء أقدر قوادهم بحجة أنه عجز في مناسبة من المناسبات عن اتباع مبادئهم الصارمة التي كانوا لا يحيدون عنها قيد أنملة. وهناك سبب ثالث من أسباب ضعفهم يمكن أن نلاحظه في المنازعات الدائمة التي اشتجرت بين العرب والموالي، فكانت لها نتائج وخيمة