الأقل من الخوارج بينها فرق وفروع) يمثل بعضها مذاهب دينية وحركات سياسية ذات طابع جماعى في آن واحد، ويعبر بعضها الآخر عن خلاف نفر من علمائهم في الرأى فحسب. ولكنهم يجمعون على مبدأ واحد: هو الذي يعالج مسألة الخلافة، وهي المسألة التي يبدأ عندها تشعب جميع الفرق في الإِسلام. وفي هذه المسألة يعارض الخوارج الشيعة في قصر الإمامة على أبناء على، كما يعارضون المرجئة في توقفهم عن الحكم فيها. وهم يقولون من ناحية بما أسماه فلهاوزن بحق "الخروج على السلطان nonconformity" أو بعبارة أخرى إن على المؤمنين أن يخرجوا على الإِمام إذا غير السيرة وعدل عن الحق ويخلعوه (بهذا يبررون تركهم عليا بعد قبوله التحكيم) ويصرحون من ناحية أخرى بأن كل مؤمن غير متهم في دينه أو خلقه يستطيع ببيعة الجماعة أن يبلغ الإمامة الكبرى "ولو كان عبدًا" ونتج عن ذلك أن نادوا بكل زعيم من زعمائهم "أميرًا للمؤمنين"، وإن افتقروا جميعًا إلى النسب القرشي افتقارهم إلى غيره من شروط الإمامة. ولم يقروا بالخلافة لغير أمرائهم، إلا لأبي بكر وعمر وعثمان، في السنوات الست الأولى من خلافته، وعلى حتى وقعة صفين.
وللخوارج في الاعتقاد أصل آخر، هو الإنكار المطلق للإيمان بلا عمل، وهم يغالون في تشددهم في الدين إلى حد تكفير صاحب الكبيرة، ويعدونه مرتدًا. ويقول غلاتهم -ويمثلهم الأزارقة- إن كل مرتد على هذا النحو لا يقبل إسلامه من بعد قط، ويجب قتله هو وأزواجه وأولاده. وكان من الطبيعى أن يحكم الخوارج على غيرهم من المسلمين بالارتداد عن الدين، وهو مذهب الاستعراض الذي طبق منذ ظهر الخوارج وقبل أن يتخذ صيغته الفقهية، وكان أبلغ تطبيق له في حرب الأزارقة. وهذا المذهب الوحشى يناقضه إلى حد عجيب، وإن لم يخرج عن حدود المنطق، ما أظهره الخوارج نحو غير المسلمين من تسامح بالغت بعض فرقهم فيه إلى حد التسوية في كل شيء بين المسلمين واليهود والنصارى إذا عدلوا الشهادة وقالوا: ". . إن محمدًا رسول الله إلى