العرب لا إلينا" وتوسع فقيه من فقهاء الخوارج هو يزيد بن أبي أنيسة (مؤسس اليزيدية) في التسوية بين العرب والموالى (وهذا المذهب كان بالفعل ثمرة موقفهم من مسألة الإمامة).
وتمتد الطهرية المأثورة عن الخوارج في تصورهم للدولة وفي فكرتهم عن الإيمان, إلى مبادئ الأخلاق، فلا تصح العبادات عندهم إلا بطهارة القلب التي تستتبع بالضرورة طهارة البدن.
وإذا تركنا المبادئ العامة وبعض الملابسات الخاصة فإننا لا نعرف فقه الخوارج وعقائدهم في مجموعها إلا عند الإباضية، فقد حافظ بقاؤهم إلى يومنا هذا على عرفهم الديني صحيحا سليما، فهم من ناحية والصفرية من ناحية أخرى أصحاب مذهب معتدل بالقياس إلى مذاهب غيرهم من الخوارج، وتأثرت آراؤهم الحالية بعض الشيء في الإيمان والفقه على السواء، المذاهب الإِسلامية الأخرى. وقد لاحظ الدارسون حديثا (نللينو C. A. Nallino: R. S. O. جـ ٧، ص ٤٥٥ - ٤٦١) العلاقة الوثيقة بين عقائد الإباضية وعقائد المعتزلة. ويمكن أن نقول أيضًا إن المعتزلة استوحوا الخوارج في بعض المسائل. ولا شك في صحة ما قاله فلهاوزن من أن مذهب الخوارج كان له شأن خطير في تطور علم الكلام بطريق مباشر، أو بتشجيعه على إمعان النظر في مسائل الاعتقاد.
ومذهب الخوارج فيما يبدو لنا حركة شعبية في أصولها, ولكننا يجب أن نلزم جانب الحرص فلا يذهب بنا الظن إلى أنه يفتقر إلى النظر العقلى. بل إن الأمر على عكس ذلك، إذ لا شك في أن تحرر هذا المذهب الذي يبلغ مبلغ التطرف قد اجتذب كثيرين من ذوى العقول النيرة، مثله في ذلك مثل غيره من المذاهب في عصور أخرى وبلاد أخرى. فقد قيل إن بعض العلماء والأدباء، في أيام العباسيين الأولين بخاصة، قد اعتنقوا آراء الخوارج متأثرين بثقافة هذا العهد المتشككة ومعارضين لها في آن واحد، ولم