المسورة للحصن مائتى خطوة وعرضها تسعين خطوة، أما أرضها فطبقة من الطين سميكة، ولعل بعضها تكون من المنشآت الصلصالية القديمة التي تبددت فوق الصخر الوعر. والتنقيب في هذه الأرض يظهرنا على قطع من الخزف وكسر من الزجاج وقشور البيض وروث الخيل. وهناك هرمان قديمان مشيدان من الآجر يكسو الحجر أجزاءهما السفلى، وهما يكتنفان بئرًا قديمة مغطاة كانت تزود جنود الحامية بالمياه.
ويقول ياقوت إن لفظ خيبر هو الحصن بلسان اليهود الذين كانوا يعيشون هناك. ويقول سهل بن محمد الكاتب إن هذه الواحة اشتقت اسمها من خيبر بن كانيه بن مهلائيل أول من استقر فيها. وخيبر القديمة في قول جغرافي العرب القدماء في ولاية كثيرة الخصب غنية بنخيلها وحقول قمحها الوافر الغلة، وهي على سبعة حصون: حصن نعيم، وحصن أبي الحقيق، وحصن الشِّق، وحصن النطاة وحصن السلالم، وحصن الوطيح، وحصن الكتيبة. وأضاف البكري حصن وجدة، وكان به نخيل وأشجار أخرى. وقد أصبح فيما بعد ملكًا للمسلمين. أما معقل خيبر الأعظم المسمى حصن القميص فهو الحصن الذي فتحه علي بن أبي طالب -وقد أصبح خليفة فيما بعد- وقد شغل القسم الأسفل من هذا الحصن مسجد النبي [- صلى الله عليه وسلم -](ويعرف أيضًا باسم المنزلة) الذي بناه عيسى بن موسى بعد فتح خيبر، وكانت العين التي في حصن الشق تعرف باسم الحمة. وأطلق عليها النبي [- صلى الله عليه وسلم -] اسم "قسمة الملائكة". وكانت موضع الإعجاب لما اتصف به ماؤها من خصائص عجيبة. ويتسرب ثلثا مائها في مجرى ويتسرب الثلث الباقي في مجرى آخر. والمجريان يسيران في اتجاه واحد. وإذا ما ألقى في العين بثلاث قطع من الخشب أو بثلاث بلحات فإن اثنتين منها تذهبان إلى المجرى الذي يسير فيه ثلثا المياه، والثالثة تذهب إلى المجرى الآخر. ولا يستطيع أحد أن يأخذ من هذا المجرى أكثر من ثلث ماء النبع، وإذا وقف أحد في المجرى الذي يفيض فيه ثلثا ماء العين ليزيد من الماء الذي يجرى إلى المجرى الأصغر فإن المياه تغمره وتتجاوزه فلا يرتد منها شئ إلى المجرى الثاني بما يزيد في مائه.